كتاب شأن الدعاء (اسم الجزء: 1)

العبودية؛ لِيُستَخْرَجَ (¬1) مِنْهُ بِذَلِكَ الوَظَائِفُ المَضْرُوبَةُ عَلَيْهِ، التي هِيَ سِمَةُ كُل عَبْدٍ، وَنصْبَةُ كُل مَربُوب، مُدَبَّرٍ (¬2)، وَعَلَى هَذا بُني الأمْرُ فِي مَعَاني مَا نَعْتَقِدُهُ فِي مَبَادِيءِ الأمُورِ التي هِيَ الأقْدارُ، وَالأقْضِيَةُ، مَعَ التِزَامِنَا الأوَامِرَ التي تُعُبِّدْنَا (¬3) بِهَا، ووُعِدْنا عَلَيْهَا فِي المَعَادِ، الثوابَ وَالعِقَابَ.
ولمَاْ عَرَضَ فِي هَذَا مِنَ الإشْكَالِ، مَا سَألَتِ الصحَابَةُ: رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا:
[8] "أرَأيتَ أعْمَالَنَا هَذِهِ أشيْءٌ قَدْ فُرغَ مِنْه، أمْ أمْرٌ نَسْتَأنفُهُ؟ فَقال: بَلْ هُوَ أمْرٌ قدْ فُرغ مِنْهُ. فَقَالُوا: فَفِيْمَ العَمَلُ إذَاً؟ قَالَ: اعْمَلُوا، فَكُل مُيَسرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. قَالُوا: فَنَعْمَلُ إذاً".
ألَا تَرَاهُ كيْفَ عَلَّقَهُمْ بينَ الأمْرينِ، فَرَهَنَهُمْ (¬4) بِسَابِقِ القَدَرِ المَفرُوْغِ مِنْهُ، ثُم ألزَمَهُم العَمَلَ الذِي هُوَ مَدْرَجَةُ التعَبدِ، لِتَكُونَ تِلْكَ الأفْعَالُ أمائر (¬5) مُبَشِّرَة، وَمُنْذرَة، فَلمْ يُبْطِلِ السبَبَ -الذِي هُوَ
¬__________
[8] رواه مسلم في صحيحه برقم /2650/ بلفظ قريب من هذا عن أبي الأسود الدقلي، وابن حبان من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه برقم /1807/، ومن حديث جابر برقم /1808/ في الموارد.
__________
(¬1) في (م): "يستخرج".
(¬2) في (ظ): "ومدبَّر" بزيادة واو العطف.
(¬3) في (م): "يعبدنا".
(¬4) في (م): "فدهنهم".
(¬5) في حاشية (ظ): "في: أمارة" قلت: وهذا جمع قياسي من صيغ منتهى الجموع فكل ما كان منه على وزن فعالة فجمعه فعائل. مثل سحابة وسحائب.

الصفحة 10