كتاب شأن الدعاء (اسم الجزء: 1)

في قَوْلهِ [تعالى] (¬1): (الحَمْدُ لله رب العَاَلمْينَ) [الفاتحة/1] أن مَعْنَى الرب: السيد. وهَذَا يَسْتَقيمُ إذَا جعَلْنَا (¬2) العَاَلمْينَ مَعْنَاهُ: المُمَيزِيْنَ، دون الجَمَادِ، لأنهُ لَا يَصْلُحُ أنْ يُقالَ: سَيدُ الشجَرِ والجَبَلِ (¬3) وَنَحْوَها، كَمَا يُقَالُ: سَيدُ الناسِ، وَمِنْ هَذا قَوْلُهُ -سُبْحَانَهُ-: (اِرْجِعْ إلَى رَبكَ فَاسْألْهُ مَا بَالُ النسْوَةِ) [يوسف/ 50]. أيْ: إلَى سَيدِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ الشاعِرِ (¬4):
بِقَتْلِ بَني مَالِكٍ رَبَّهُمْ ... ألا كُلُّ شيْءٍ سِوَاهُ جللْ
يُرِيْدُ سَيدَهُمْ.
وَقِيْلَ: إن الرب: المَالِكُ، وَعَلَى هَذَا تَسْتَقِيْمُ الإضَافَةُ عَلَى العُمُوْمِ. وَذهب كَثِيْرٌ مِنْهُمْ إلَى أن اسْمَ العَاْلَمِ يَقَعُ عَلَى جَميْع المُكَونَاتِ. وَاحْتَجُّوا بقَوْلهِ -سُبْحَانَهُ-: (قَالَ فِرْعَوْنُ، وَمَا رَب العاَلمْينَ قَالَ رب السموَاتِ والأرْض وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنْتُم مُوْقِنِين) [الشعراء/ 23 - 24].
وَأمَّا المنَّانُ: فَهُوَ كَثيرُ العَطَاءِ. وَالمَنُّ: العَطَاءُ لِمَن لاَ
¬__________
(¬1) زيادة من (م).
(¬2) عبارة (م): "جعلنا معنى ... ".
(¬3) في (ت) و (م): "الجبال" وفي (م): "الجبال والشجر ... ".
(¬4) البيت لامريء القيس من قصيدة -قالها بعدما جاءه خبر مقتل أبيه- في ديوانه ص 261، وهو من شواهد المغني بشرح عبد القادر البغدادي 3/ 79، وفي الشعر والشعراء 1/ 108، والأغاني 9/ 86، والهمع 2/ 72، والدرر 2/ 88، والرواية في المصادر السابقة: "بقتل بني أسد ... " بدل: "مالك".
ويستشهد به النحاة على أن: "جلل" بمعنى: حقير.

الصفحة 100