كتاب شأن الدعاء (اسم الجزء: 1)

كَالفَرْعِ- بالعِلةِ التي هي لَهُ كَالأصلِ، وَلم يَتْرُك أحَدَ الأمْرَينِ لِلآخَرِ. وَأخْبَرَ مَعَ ذلِكَ أن فَائِدَةَ العَمَلِ هُوَ القَدَرُ المَفْرُوغُ مِنْهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلهِ [- صلى الله عليه وسلم -] (¬1): "فكل ميسرٌ لما خُلِقَ له". يُرِيدُ: أنه مُيَسر فِي أيامِ حَيَاتِهِ لِلْعَمَلِ الذِي سَبَقَ لَهُ القَدَرُ بِهِ قَبلَ وَقْتِ وُجُودهِ، وَكَونهِ، إلا أن الوَاجِبَ. [عَلَيْك هَا هُنَا] (¬2) أنْ تَعْلَمَ فَرْقَ (¬3) مَا بَيْنَ المُيَسرِ، والمُسَخرِ (¬4)، فَتَفَهَّمْ.
وَكَذَلِكَ القَولُ فِي بَاب الرزقِ، وَفِي التسَبُّب إليه بِالكَسْبِ، وَهُوَ أمْر مَفْرُوْغ مِنْهُ فِي الأَصْلِ، لا يَزِيدُهُ الطلبُ، وَلَا ينقِصُهُ التركُ.
وَنَظيرُ ذلِكَ؛ أمرُ العُمْرِ، وَالأجَلِ المَضْرُوبِ فِيْهِ فِي قَوْلهِ [عز وجل] (¬5): (فَإذَا جَاءَ أجَلُهُم لَا يَسْتَأخِرُوْنَ سَاعَة وَلاَ يَستقدمُونَ) [الأعراف/ 34].
ثُم قدْ جَاءَ فِي الطِبِّ (¬6)، والعِلَاجِ، مَا جَاءَ، وَقَدْ اسْتَعمَلَهُ عَامةُ أهْلِ الدين مِنَ السَّلَفِ، والخَلَفِ، مَعَ عِلْمِهِمْ بأن مَا تَقَدمَ مِنَ الأقْدارِ، والأقْضِيَةِ لَا يَدْفَعُها التعَالُجُ بِالعَقَاقِير (¬7)، وَالأدوِيَةِ.
¬__________
(¬1) زيادة من (م).
(¬2) عبارة (م): "هنا عليك ... ".
(¬3) في (م): "فوق" وهو خطأ واضح.
(¬4) في اللسان (سخر- يسر): يسره الله لليسرى، أي: وفقه لها، والميسر المعَدُّ- والمسخر: كل مقهور مدبر لا يملك لنفسه ما يخلصه من القهر.
(¬5) في (م): "تعالى".
(¬6) في (م): "الطلب" وهو خطأ لعله من الناسخ.
(¬7) في (ظ): "والعقاقير".

الصفحة 11