كتاب شأن الدعاء (اسم الجزء: 1)

دَعَا لَهَا، وذلك إذَا وَافَقَ القَضَاءَ. فَإنْ لَمْ يُساعِدْهُ القَضَاء، فإنه يُعْطَى سَكِيْنَة في نَفْسِه، وانشراحاً في صدرِهِ، وصبْرَا يَسْهُلُ معهُ احتمالُ ثِقَلِ الوارداتِ عليه، وعلى كل حالٍ فلا يَعْدَمُ فائدةَ دعائِهِ، وهو نوع من الاستجابةِ.
[9] وَقَدْ رَوَى: أبو هُرَيْرَةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لله، عز وجلَ، يَسْألهُ مَسْألَة إلا أعْطَاهُ إياهُ إما عَجَّلَهَا لَهُ في الدنيا، وإما ادَّخَرَها لَهُ في الآخِرةِ، ما لم يَعْجَلْ، قالوا: وَمَا عَجَلَتُهُ؟ قال: يقولُ: دَعَوْتُ، دَعَوْتُ، فَلَا أرَاهُ يُسْتَجَابُ لِي".
قال الشيخ -رضي الله عنه-: وإذا ثبتَ معنى الدعاء، ووجوبُ العملِ بِهِ؛ فإن من شرائِطِ صِحتِهِ، أنْ يكونَ ذلك مِنَ العَبْدِ بإخلاصِ نِيَّتهِ، وإظهارِ فَقْرٍ، وَمَسْكَنَةٍ، وعلى حالِ ضَرْعٍ، وخُشوعٍ، وأنْ يكون على طهارةٍ من الداعي، واستقبالٍ للقِبْلَة، وأنْ يُقَدمَ الثناءَ على الله -عز وجل- والصلاةَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَامَ دُعَائِهِ، ومِنْ سُنتِهِ أن يَرْفَعَ إلى الله -عز وجلَ- يَدَيهِ، باسِطَاً
¬__________
[9] رواه الإمام أحمد في المسند 2/ 448 من حديث أبي هريرة إلى قوله: "يدخرها له" وطرفه الأخير خرّجناه في رياض الصالحين ص 563 - 564 من حديث أبي هريرة أيضاً عند البخاري بشرح الفتح برقم /6340/ دعوات، ومسلم برقم /2735/ ذكر، والترمذي برقم /3384/ دعوات، وأبي داود برقم /1484/ صلاة، وابن ماجه برقم 3853/ دعاء، والموطأ 1/ 213 برقم 29، والحاكم 1/ 497 ما عدا طرفه الأخير بسند صحيح ووافقه الذهبي.

الصفحة 13