كتاب شأن الدعاء (اسم الجزء: 1)

معنى هذا الكلام الإرشادُ إلى استعمال الأدب في الثناء على الله تعالى (¬1) والمدحِ لهُ بأنْ تضافَ إليهِ محاسِنُ الأمُورِ (¬2) دوْنَ مساوِئهَا ولم يَقَعِ القَصْدُ إلَى إثْبَاتِ شيْءٍ وإدخالهِ له (¬3) تحتَ قُدْرَتِهِ ونفي ضدِّهِ عَنْهَا، فإنَّ الخيرَ والشرَّ صادرانِ عَنْ خَلْقِهِ (¬4)، وقدرَتهِ، لا موجدَ لشيءٍ منَ الخَلْقِ غَيْرُهُ. وَقَد تُضَافُ محاسنُ الأمورِ ومحامدُ الأفعالِ إلى الله تعالى (¬5) عند الثناءِ عليهِ دونَ مساوِئهَا ومذامِّهَا كقولِهِ [تَعالى] (¬6): (وإذا مَرِضْتُ فَهُو يَشْفِيْن) [الشعراء/ 80] [وكقوله تعالى] (¬7): (وَقَدْ أحسَن بي إذْ أخْرَجَني مِنَ السِّجنِ) [يوسف/100] ولم يُضِفْ سببَ وقوعِهِ في السِّجن إليهِ.
وكما تضافُ مَعَاظِمُ الخليقَةِ إِليهِ عندَ الثَّناءِ والدُّعاءِ فيُقَالُ: "يا رب السمواتِ والأرضِين" كما يُقالُ: "يا رب الأنبياءِ والمرسلين" ولا يَحْسُنُ أن يقال: يا ربّ الكلاب، ويا ربَّ القِرَدةِ والخنازيرِ، ونحوها مِن سَفَلِ الحيوانِ، وحشراتِ الأرْضِ، وإنْ كانتْ إضافةُ جميعِ المكوَّناتِ إليهِ من جِهَةِ الخلقِ (¬8) لَهَا، والقدرَةِ عَلَيْها شامِلَة لجميعِ أصْنافِهَا.
وسُئِلَ الخَليْلُ عَنْ قَوْلهِ: "والشَّرُّ ليْسَ إلَيْكَ" فقالَ: معناهُ:
¬__________
(¬1) في (م): "عز وجل".
(¬2) في (م): "الأمر".
(¬3) سقطت: "له" من (م).
(¬4) في (م): "معلقه" ولم أهتد إلى وجه فيها، ولعلها خطأ من الناسخ.
(¬5) في (م): "جل وعلا".
(¬6) في (م): "جل وعز".
(¬7) سقط ما بين المعقوفين من (م).
(¬8) في (ت): "الخلقة".

الصفحة 153