كتاب شأن الدعاء (اسم الجزء: 1)

مَايَرْنَ في البحرِ بخير سِعْرِ ... وخير مُدٍّ من مِدادِ البحرِ
فعَلى هذا يكونُ معناهُ المِكْيَالُ، والمعيارُ. وَكَلِمات الله -سُبْحَانَهُ- لا ينتهي إلى أمدٍ، ولا تُحَدُّ، ولا تُحصَى بعَدَدٍ، ولكنهُ ضَرَبَ بهما (¬1) المثلَ ليدلَّ على الكثرةِ والوُفُورِ، ونَصَبَ "العَدَدَ، والمِدادَ" على المصْدَرِ. و"زنةُ العرشِ": ثِقْلُهُ ورَزَانَتُهُ. والعَرْشُ: خلْقٌ عظيمٌ للهِ -عز وجل (¬2) - لا يَعْلَمُ قَدرَ عِظَمِهِ ورزانَةَ ثِقْلِهِ أحدٌ غيرُ اللهِ -[سبحانَهُ] (¬3) - وهو مَخُلوقٌ، ومحدودٌ؛ ألا تَرَاهُ يقولُ: (وتَرى الملائِكَةَ حافينَ مِن حَوْلِ العَرْشِ)؟ [الزمر/75] وهوَ محمولٌ عَلَى كواهِلِ الملائكَةِ، واللهُ -سُبحانَهُ- حامِلٌ حملتَهُ، لا حاجةَ بِهِ إلى العَرْش، وَلَيْسَ بِمكانٍ لَهُ، ولا هُوَ مُتَمَكَنٌ فيهِ وَلَا مُعْتَمِدٌ عليهِ لأن هَذَا كلهُ من صفاتِ الحدَثِ (¬4)، لكنهُ بائِنٌ منْهُ ومنْ جميع خلْقِهِ، وإنما جاءَ في التنْزِيلِ: (الرحْمنُ على العَرْشِ اسْتَوى) [طه/5] فنحنُ نؤمنُ بما أُنزِلَ، ونقولُ كما قالَ، وَلَا نُكيِّفُهُ، ولا نَحُدُّهُ، وَلا نَتَأوَّلُهُ. كما فَعَلَهُ نُفَاةُ الصِّفَاتِ، وَهَذا بابٌ من العلمِ الذِي يَجبُ عَلَيْنَا الإيمانُ بِظَاهِرِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَنَا الكَشْفُ عنْ باطِنِه.
[88] [و] (¬5) قَوْلُهُ: [- صلى الله عليه وسلم -] (¬6): "أفْضَلُ الكَلَامِ أربعٌ هُنَّ مِنَ
¬__________
[88] أخرجه مسلم من حديث سمرة بن جندب برقم 2137 آداب، وأبو داود برقم 832 صلاة، والترمذي برقم 481، والدارمي 2/ 291 استئذان، والموطأ 1/ 210 برقم 23 قرآن، والِإمام أحمد في المسند =
__________
(¬1) في (م): "بهذا".
(¬2) في (م): "سبحانه".
(¬3) زيادة من (ت).
(¬4) في (م): "المحدث".
(¬5) زيادة من (م).
(¬6) زيادة ليست في (م).

الصفحة 160