كتاب شأن الدعاء (اسم الجزء: 1)

وَالمَسْكَنَةِ، وَأعُوْذُ بِكَ مِنَ الفَقْرِ". مَعْنَى اسْتِعَاذَتِهِ مِنَ الفَقْرِ وَالمَسْكَنَةِ، إنما هُوَ فَقْرُ النفْسِ وَمَا يَعْتَرِيْهَا مِنَ الحِرْصِ وَالجَشَعِ، وَلَم يُرِدْ بِهِ (¬1) قِلَّةَ المَالِ، وَعَدَمَ اليَسَارِ، فَقَدْ كَانَ مَعْلُوماً مِنْ أمْرِهِ - صلى الله عليه وسلم - أنه كَان يُؤْثِرُ الِإقْلَالَ مِن الدنيا وَيَكْرَهُ الاسْتِكْثَارَ مِنْ حُطَامِ أعرَاضِهَا (¬2). وقال بَعْضُ العُلَمَاءِ قَدْ جَاءَ فِي الحَدِيْثِ مَدْحُ الفَقْرِ، وَذَمُّهُ، والاسْتعَاذَةُ مِنْهُ، وَإنما المَذْمُوْمُ مِنَ الفَقْرِ أنْ يَكْرَهَهُ خَوْفَاً مِنَ الذُّلِ والصَّغارِ وانْحِطَاطِ القَدْر عِنْدَ الناس، فَأما مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ لأجْل مَا يَخَافُ مِنْ فِتْنَتِهِ. فَلَيْسَ بِمَذْمُوم؛ لأن سُوء احْتِمَالِ الفَقْرِ رُبما دَعَا إلى التقْصير في إِقَامَةِ الفَرَائِضِ، والذَّهَابِ عَن الحُقُوقِ الوَاجِبَةِ.
[106] [و] (¬3) قَوْلُهُ: "وَاجْعَلْني فِي النِّدَاءِ الأعلَى" وَقَدْ يُرْوَى: " [في] (¬4) النَّدِي الأعْلَى".
النِّدَاءُ مصدَرُ نَادَيْتُهُ نِدَاءً، وَمَعْنَاهُ أنْ يُنَادَى لِلْتَّنْويهِ بِهِ. والرَّفْعِ منْهُ، وَقَد يَحْتَمِلُ [أنْ] (¬5) يَكُونَ أرَادَ
¬__________
[106] أخرجه أبو داود برقم 5054 أدب، والحاكم 1/ 540 كلاهما من حديث أبي زهير الأنماري، قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
__________
(¬1) سقط: "به" من (م)
(¬2) في (ظ): "أغراضها".
(¬3) زيادة من (م).
(¬4) في (م): "ويروى" بدون "قد" و"في" زيادة من (م).
(¬5) سقطت: "أن" من (ظ)، ولعل إسقاطها سهو من الناسخ، لدليل ضبطه للفعل بعدها بالفتح. وهي في باقي النسخ الثلاث.

الصفحة 174