كتاب شعب الإيمان للبيهقي - العلمية (اسم الجزء: 1)

932 - حدثنا أبو محمد بن يوسف إملاء حدثنا أبو بكر الطلحي بالكوفة ثنا حبيب بن نصر المهلبي ثنا عبد الله بن محمد حدثني أحمد بن عاصم ثنا الفضل بن عياض الكندي قال : مر عيسى ابن مريم عليه السلام بجبل بين نهرين عن يمينه نهر و عن يساره نهر و لا يدري من أين يجيء و لا من أين يذهب فقال عيسى أيها الجبل من أين يجيء هذا الماء و إلى أين يذهب ؟ فقال عيسى أيها الجبل من أين يجيء هذا الماء و إلى أين يذهب ؟ قال : أما الذي يجيء عن يميني فهو دموع عيني اليمنى و الذي عن يساري فهو دموع عيني اليسرى قال : ممن ذاك ؟ قال : من خوف ربي أن يجعلني من وقود النار قال عيسى فأنا أدعو أن يهبك مني فدعا فوهبه له فقال عيسى : قد وهبت لي فجاء منه من الماء ما أحتمل عيسى فذهب به فقال عيسى : اسكن بقوة الله فسكن فقال قد استوهبتك من ربي فوهبك لي فماذا قال : أما البكاء الأول فبكاء الخوف و أما البكاء الثاني فبكاء الشكر
933 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا أبو عثمان الحناط ثنا أحمد بن أبي الحواري قال : بينا أنا ذات يوم جالس بالشام في قبلة ليس عليها باب إلا كساء مسبل إذ أنا بامراة تدق على الحائط فقلت : من هذا ؟ فقلت : امرأة ضالة دلني على الطريق ـ رحمك الله ـ فقلت : عن أي الطريقين تسألين ؟ فبكت ثم قالت : عن طريق النجاة فقلت هيهات هيهات لا يقطع ذاك الطريق إلا بالسير الحثيث في الجد و تصحيح المعاملة و حذف العلائق الشاغلة من أمر الدنيا و الآخرة فبكت قالت ثم قالت : أما علائق الدنيا ففهمتها فما علائق الآخرة فقلت : لو وافيت القيامة بعمل سبعين نبيا لم يكن لك إلا ما كتب لك في اللوح المحفوظ و إن لجهنم زفرة يوم القيامة لو كان معك عمل سبعين نبيا ما كان بد من أن ترديها قال : فصرخت ثم قالت : سبحان من صان عليك جوارحك فلم تقطع سبحان من أمسك عليك قلبك فلم يتصدع ثم سقطت مغشيا عليها
قال ابن أخي أبي الحواري : و كانت عندنا جارية من المتعبدات فقلت لها أخرجي فانظري ما قصة هذا المرأة قال فخرجت فنظرت إليها فإذا هي قد فارقت الدنيا و إذا في جيبها رقعة مكتوب فيها : كفنوني في أثوابي فإني يك لي عند ربي خير فسبيدلني ما هو خير لي منها و إن يك غير ذلك فبعدا لنفسي و سحقا
قال ابن أبي الحواري : و إذا خدم قد أحاطوا بالجارية فقلت لبعضهم ما قصة هذه الجارية فقالوا : يا أبا الحسن هذه جارية كانت يظهر بها شيء نظن أنها مصابة بعقلها و كان الذي بها يمنعها من المطعم والمشرب و كانت تشكو إلينا وجعا في جوفها فكنا نعرض فكان نعرض عليها الأطباء فكانت تقول : أريد متطببا أشكو إليه بعض ما أجد من دائي عسى أن يكون عنده شفائي

الصفحة 528