كتاب شعب الإيمان للبيهقي - العلمية (اسم الجزء: 1)

993 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أنا أحمد بن سلمان الفقيه ثنا الحارث بن محمد ثنا العباس بن أبان ذكره عن بعض العلماء قال : ذو الدين يخاف العقاب و ذو الكرم يخاف العار و ذو العقل يخاف التبعة
فصل ـ قال الحليمي رحمه الله تعالى : و قد يجد الناس في أنفسهم الخوف من أشياء كثيرة مثل خوف الوالد من موت ولده أو ذهاب ماله أو الغرق أو الحرق أو الهدم أو ذهاب السمع و البصر أو الوقوع بيد السلطان الجائر أو الابتلاء بسبع أو عدو من كان و ما يشبه ما ذكرنا من أصناف المكاره إلا أن هذا ينقسم إلى محمود و مذموم فالمحمود أن يكون الخوف من هذه الأمور لما يمكن أن يكون تحتها من سخط الله ـ عز و جل ثناؤه ـ فإنها قد تكون عقوبات و مؤخذات فمن خافها فامتنع لأجلها من المعاصي و لم يأمن من أن يغير عليه كانت منزلته منزلة من امتنع من المعاصي خيفة النار و كذلك إن خشي أن يكون أخذ الله منه ما أعطاه ابتلاء له و اختبارا حتى إن صبر و احتسب أثابه و إن جزع و اضطرب و لم يسلم لقضائه زاده سلبا فخاف أن ذلك إن كان ذلك لم يملك نفسه و كان منه بعض ما لا يحبه الله تعالى جده و ما هذا الوجه كان إشفاقه و كراهيته لهذه الأمور فهذا أيضا محمود و هذا خوف ينشأ عن التعظيم و المحبة جميعا و أما المذموم فهو أن يكون خوفه بعض هذه الأمور لحرصه على ماله فيها من المنافع الدنيوية و شدة ركونه إليها و ميله إلى التكثر بماله منها و التوصل بها إلى ما يريد و يهوى كان في ذلك رضى الله أو سخطه و إنما كان هذا مذموما للغرض الذي عنه ينشأ هذا الخوف و لأن جميع نعم الله عند العبد من مال و ولد و ما يشبههما إنما هي عوار و الركون إلى العواري ليس من فعل العقلاء و المخلصين و الله أعلم قال البيهقي رحمه الله : و قد جاء في الأخبار و الآثار ما يؤكد صحة ما قاله الحليمي رحمه الله في هذا الفصل و سياق جميع ذلك ها هنا يطول فمن ذلك ما :

الصفحة 545