1292 - قال : و سمعت ذا النون يقول : ثلاثة من أعلام التوكل بغض العلائق و ترك التملق في السلائق و استعمال الصدق في الحقائق
و ثلاثة من أعلام الثقة بالله سبحانه و تعالى : السخاء بالموجود و ترك الطلب للمفقود و الاستقامة إلى فضل الودود
و ثلاثة من أعلام الاستغناء بالله عز و جل : التواضع للفقراء و المتذللين و ترك تعظيم الأغنياء المكثرين و ترك المخالطة لأبناء الدنيا المتكبرين
1293 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال : سمعت محمد بن جعفر بن محمد بن مطر يقول سمعت أبا بكر محمد بن عبد العزيز البردعي يقول : سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول : التوكل على كمال الحقيقة وقع لإبراهيم خليل الرحمن في تلك الحال التي قال لجبريل عليه السلام : أما إليك فلا لأنه عابت نفسه بالله فلم ير مع الله غير الله و كان مهابا بالله من الله إلى الله بلا واسطة و هو من علامات التوحيد و إظهار القدرة لنبيه عليه السلام
1294 - و بإسناده قال : سمعت النهرجوري يقول : التوكل يصح على حالين أحدهما تدل الأسباب على الله و الصبر تحت الأحجام عند فقد الأسباب و الثاني و الرجوع إلى الله بطلب السكون إليه حتى يقم السكون
1295 - و بإسناده قال : سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول : أدنى التوكل ترك الاختيار
قال : و لا يتوكل على الله إلا من عرف بالولاية و الخلاية و الكفاية فلا يتعرضوا لأهل التوكل فإنهم صفوة الله و خاصته استضافوه فأضافهم و نزلوا عليه فأحسن نزلهم و توكلوا عليه فكفاهم فهم أغنياء بفقرهم و غيرهم فقيرهم بغناهم فمن أنكر التوكل على الله نسب إلى قلة العلم
1296 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا الحسين بن صفوان ثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ثنا علي بن أبي مريم عن موسى بن عيسى قال : لما اجتمع حذيفة المرعشي و سليمان الخواص و يوسف بن أسباط فتذاكروا الفقر و الغنى و سليمان ساكت فقال بعضهم : الغني من كان له بيت يكنه و ثوب يستره و سداد من عيش يكفه عن فضول الدنيا
و قال بعضهم : الغني من لم يحتج إلى الناس
فقيل لسليمان ما تقول أنت يا أبو أيوب ؟ فبكى ثم قال : رأيت جوامع الغنى في التوكل و رأيت جوامع الشر في القنوط و الغنى حق الغني من أسكن قلبه إلى الله من غناه يقينا و من معرفته توكلا و من عطائه و قسمته رضا فكذلك الغنى حق الغني و إن أمسى طاويا و أصبح معوزا فبكى القوم جميعا من كلامه
1297 - أخبرنا أبو عبد الله بن يوسف الأصبهاني أنا أبو سعيد بن الأعرابي ثنا محمد بن إسماعيل الأصبهاني قال : سمعت أبا تراب يقول : سمعت حاتم الأصم يقول : سمعت شقيق البلخي يقول : لكل واحد مقام فمتوكل على ماله و متوكل على نفسه و متوكل على لسانه و متوكل على سيفه و متوكل على سلطنته و متوكل على الله عز و جل فأنا المتوكل على الله عز و جل فقد وجد الاسترواح نوه الله به و رفع قدره و قال :
{ وتوكل على الحي الذي لا يموت }
و أما من كان مستروحا إلى غيره يوشك أن ينقطع به فيشقى
1298 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال : سئل الأستاذ أبو سهل محمد بن سليمان عن قول النبي صلى الله عليه و سلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه : ماذا أبقيت لنفسك ؟ قال : الله و رسوله
قال : هو التجريد لله بالكلية و إدخال الرسول صلى الله عليه و سلم فيه لمكان الإيمان و حقيقة التعلق بالسبب في الوصول إلى المسبب الأعلى أن عليه انقطاعه فإذا كمل توكل المتوكل و تحقق فيه أخبر إن شاء عن السبب و إن شاء عن المسبب لأن الكل عنده واحد لتعلق الفروع في الكل بالأصل
1299 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان ثنا ابن أبي عمر قال : قال سفيان قال أبو حازم : وجدت الدنيا شيئين : شيء هو لي و شيء هو لغيري فأما الذي هو لي فلو طلبته قبل أجله بحيلة السموات و الأرض لم أقدر عليه و أما الذي هو لغيري فلم أصبه فيما مضى فلم أرجوه فيما بقي ؟ يمنع رزقي من غيري كما يمنع رزق غيري مني ففي أي هذين أفني عمري ؟
1300 - قال سفيان و قيل لأبي حازم : ما مالك ؟ قال : خير مالي ثقتي بالله تعالى و إياسي مما في أيدي الناس
1301 - قال : و قال بعض الأمراء لأبي حازم : ارفع إلي حاجتك قال : هيهات هيهات رفعت إلى من لا تحجب الحوائج دونه فما أعطاني منها قنعت و ما زوى عني منها رضيت
1302 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو عبد الله الصفار ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا حدثني عبد الله بن عيسى الطفاوي ثنا عبيد الله بن شميط بن عجلان قال : سمعت أبي يقول : إن المؤمن يقول لنفسه إنما هي ثلاثة أيام فقد مضى أمسى بما فيه و غدا آمل لعلك لا تدركه إنك إن كنت من أهل غدا فإن غدا يجيء برزق غدا إن دون غد يوما و ليلة تخترم فيها أنفس كثيرة و لعلك المخترم فيها كفى كل يوم همه
1303 - قال ثنا أبو بكر ثنا محمود بن خداش قال : سمعت الأشعث بن عبد الرحمن ثنا رجل يقال له عبد الملك عن الحسن قال : ابن آدم لا تحمل هم سنة على يوم كفى يومك بما فيه فإن تكن السنة من عمرك يأتك الله فيها برزقك و إن لا تكن من عمرك فإنك تطلب ما ليس لك
1304 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا الحسين بن صفوان ثنا عبد الله بن محمد القرشي ثنا علي بن أبي مريم عن محمد بن الحسين حدثني أحمد بن سهل الأردني قال : سمعت أبا فروة الزاهد يقول : قال لي رجل في المنام :
أما علمت أن المتوكلين هم المستريحون ؟ قلت : رحمك الله مما ذا ؟ قال : من هموم الدنيا و عسر الحساب غدا قال أبو فروة : فو الله ما اكترثت بعد ذلك بإبطاء رزق و لا سرعته و ذلك أن من أجمع التوكل عليه كفاه ما همه و ساق الرزق و الخير إليه و قد قال الله عز و جل :
{ ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره }
1305 - أخبرنا أبو القاسم الحرفي ثنا أحمد بن سلمان ثنا معاذ بن المثنى ثنا عبد الله بن سوار ثنا حماد بن سلمة أنا ثابت البناني أن عامر بن عبد الله قال لابني عم له : فوضا أمركما إلى الله تستريحا
1306 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا الحسين بن صفوان ثنا عبد الله بن محمد القرشي ثنا الحسن بن عبد العزيز عن ضمرة بن ربيعة عن رجاء بن أبي سلمة عن عقبة بن أبي زينب قال : مكتوب في التوراة : تتوكل على ابن آدم فإن ابن آدم ليس له قوام و لكن توكل على الحي الذي لا يموت