1334 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا جعفر بن محمد بن نصير ثنا إبراهيم بن نصر المنصوري ثنا إبراهيم بن بشار قال : أمسينا مع إبراهيم بن أدهم ذات ليلة و ليس معنا شيء نفطر عليه و لا لنا حيلة فرآني مغتما حزينا قال : يا إبراهيم بن بشار ماذا أنعم الله على الفقراء و المساكين من النعم و الراحة في الدنيا و الآخرة ! لا يسألهم الله يوم القيامة عن زكاة و لا حج و لا صدقة و لا عن صلة رحم و لا عن مواساة و إنما يسأل و يحاسب عن هذا هؤلاء المساكنين أغنياء في الدنيا فقراء في الآخرة أعزة في الدنيا أذلة يوم القيامة لا تغتم و لا تحزن فرزق الله مضمون سيأتيك نحن و الله الملوك الأغنياء نحن الذين تعجلنا الراحة في الدنيا لا نبالي على أي حال أصبحنا و أمسينا إذا أطعنا الله
ثم قام إلى الصلاة و قمت إلى صلاتي فما لبثنا إلا ساعة و إذا نحن برجل قد جاء بثمانية أرغفة و تمر كثير فوضعها بين أيدينا و قال : كلوا رحمكم الله
قال : فسلم ثم قال : كل يا مغموم فدخل سائر و قال : أطعمونا شيئا فأخذ ثلاثة أرغفة مع تمر فدفعها إليه و أعطاني ثلاثة و أكل رغيفين و قال المؤاساة من أخلاق المؤمنين
1335 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال : سمعت أبا بكر محمد بن أحمد البلخي يقول : سمعت محمد بن حامد يقول : سمعت أحمد بن خضرويه يقول : قال رجل لحاتم الأصم :
من أين تأكل ؟ فقال :
{ ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون }
1336 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت علي بن حمشاد يقول : سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول : سمعت محمد بن حميد يقول : سمعت هارون بن المغيرة عن سفيان الثوري قال : قرأ واصل الأحدب هذا الآية :
{ وفي السماء رزقكم وما توعدون }
فقال أرى رزقي في السماء و أنا أطلبه في الأرض و الله لا أطلبه في الأرض أبدا فدخل خربة بالكوفة فلم يأته يومين شيء فلما كان اليوم الثالث إذا هو بدوخلة من رطب و كان له أخ أحسن نية منه فأصاب دوخلتين فكان ذلك حالهما حتى فرق الموت بينهما
1337 - و فيما أنبأني أبو عبد الله الحافظ رحمه الله إجازة ثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكارزي ثنا أبو رجاء محمد بن أحمد القاضي قال : سمعت أبا الفضل العباس بن الفرج الرياشي يقول : سمعت عبد الملك بن قريب الأصمعي يقول : أقبلت ذات يوم من مسجد الجامع بالبصرة و بينما أنا في بعض سككها إذ أقبل أعرابي جلف جاف على قعود له متقلدا سيفه و بيده قوس فدنا و سلم و قال : ممن الرجل ؟ فقلت : من بني الأصمع فقال لي : أنت الأصمعي ؟ قلت : نعم قال : من أين أقبلت ؟ قلت : من موضع يتلى كلام الرحمن فيه قال : أو للرحمن كلام يتلوه الآدميون ؟ فقلت : نعم يا أعرابي فقال : أتل علي شيئا منه فقلت انزل من قعودك فنزل و ابتدأت بسورة { الذاريات ذروا } حتى انتهيت إلى قوله تعالى : { و في السماء رزقكم و ما توعدون }
قال الأعرابي يا أصمعي هذا كلام الرحمن ؟ قلت : إي و الذي بعث محمدا بالحق إنه لكلامه أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه و سلم فقال لي حسبك فقام إلى ناقته فنحرها بسيفه و قطعها بجلدها و قال : أعني على تفرقتها فوزعناها على من أقبل و أدبر ثم كسر سيفه و قوسه و جعلها تحت الرملة و ولى مدبرا نحو البادية و هو يقول : { و في السماء رزقكم و ما توعدون } يرددها فلما تغيب عني في حيطان البصرة أقبلت على نفسي ألومها و قلت : يا أصمعي ! قرأت القرآن منذ ثلاثين سنة و مررت بهذه و أمثالها و أشباهها فلم تتنبه لما تنبه له هذا الأعرابي و لم يعلم أن للرحمن كلاما فلما قضى الله من أمري ما أحب حججت مع هارون الرشيد أمير المؤمنين فبينا أنا أطوف بالكعبة إذا أنا بهاتف يهتف بصوت رقيق : تعال يا أصمعي ! تعال يا أصمعي قال فالتفت فإذا أنا بالأعرابي منهوكا مصفارا فجاء و سلم علي و اخذ بيدي و أجلسني وراء المقام فقال : اتل من كلام الرحمن ذلك الذي تتلوه فابتدأت ثانيا بسورة الذاريات فلما انتهيت إلى قوله : { وفي السماء رزقكم و ما توعدون } صاح الأعرابي و قال : قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ثم قال : يا أصمعي هل غير هذا للرحمن كلام ؟ قلت : نعم يا أعرابي يقول الله عز و جل : { فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون } فصاح الأعرابي عندها و قال : يا سبحان الله ! من ذا أغضب الجليل حتى حلف ؟ فلم يصدقوه بقوله حتى ألجأوه إلى اليمين قالها : ثلاثا و خرجت نفسه