كتاب شعب الإيمان للبيهقي - العلمية (اسم الجزء: 2)

1492 - سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا القاسم الإسكندراني يقول : سمعت أبا جعفر الملطي يقول عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد : في قوله عز و جل : { و اتخذ الله إبراهيم خليلا }
قال : أظهر اسم الخلة لإبراهيم عليه السلان لأن الملك ظاهر في المعنى و أبقى اسم المحبة لمحمد صلى الله عليه و سلم لتمام حاله إذ لا يحب الحبيب إظهار حال حبيبه بل يجب إخفاءه و ستره لئلا يطلع عليه أحد سواه و لا يدخل أحد بينهما فقال لنبيه و صفية محمد صلى الله عليه و سلم لما أظهر له حال المحبة
{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }
أي ليس الطريق إلى محبة الله إلا اتباع حبيبه و لا يتوصل إلى الحبيب بشيء أحسن من متابعة حبيببه ذلك رضاه
1493 - قال أبو عبد الرحمن السلمي الحبيب : يوجب اتباعه اسم المحبة لذلك لم يوقع عليه هذا الاسم فإن حاله أجل من أن يعبر عنه بالمحبة لأن متبعيه استحقوا هذا الاسم بمتابعته ألا ترى الله عز و جل يقول : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }
و الخليل لا يوجب اتباعه لذلك أطلق له اسم الخلة
قال : و الحبيب يقسم به لقوله { لعمرك } و الخليل يقسم لقوله : { و تالله لأكيدن أصنامكم } و الحبيب يبدأ بالعطاء من غير سؤال لقوله : { ألم نشرح لك صدرك } و الخليل يسأل لقوله : { رب اجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي } و الحبيب مجاب إلى مراده لقوله { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها } و الخليل إنما لا يجاب ألا تراه قال : { و من ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين } و الحبيب شافع ألا تراه على عز ربه حين يقول له ارفع رأسك و سل تعطه و اشفع تشفع و الخليل مشفوع فيه ألا تراه في القيامة إذا التجأ إليه الخلق كيف يقول لست لها و الحبيب أزيل عنه الروعة من المشهد الأعلى بالكرم من المعراج لما يجيء من مقام الشفاعة فلم يرعه شيء لما تقدم من مشاهدة فيفرغ للشفاعة لأهل الجمع عامة ثم لأمته خاصة فقال أمتي أمتي و الخليل لم يزل عنه لذلك فرجع من وقت تنفس جهنم و زفيرها إلى قوله نفسي نفسي

الصفحة 184