كتاب شعب الإيمان للبيهقي - العلمية (اسم الجزء: 2)

1164 - ثم قد روينا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : الشفاء في ثلاثة : في شرطة محجم أو شربة عسل أو كية بنار و أنا أنهى أمتي عن الكي
و هذا القول صدر منه بعد قصة أسعد بن زرارة و يشبه أن يكون بعد قصة أبي أيضا بهذا النهي ـ و الله تعالى أعلم ـ التنزيه فقد روى هذا الحديث بعينه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة حجام أو شربة عسل أو لدغة بنار و ما أحب أن أكتوي
و هذا يدل على أن ذلك على غير التحريم
1165 - و روينا عن عمران بن حصين : أنه قال نهانا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الكي فاكتوينا فما أفلحنا و لا أنجحنا
و في هذا ما دل على أنه على غير التحريم إذ لو كان على طريق التحريم لم يكتو عمران بن حصين بعد علمه بالنهي غير أنه ركب المكروه ففارقه ملك كان يسلم عليه فحزن على ذلك و قال هذا القول : ثم قد روي أنه عاد إليه قبل موته و إذا كان الكي بحكم هذه الأخبار مكروها فارق حكمه حكم سائر الأسباب التي ليست فيها كراهية حين استحق تاركه الثناء الذي قدمنا ذكره
و أما الاسترقاء فقد روينا الرخصة فيه بما يعلم من كتاب الله أو ذكره من غير كراهية و إنما الكراهية فيما لا نعلم من لسان اليهود و غيرهم فكان التارك لما كان مكروها هو المستحق لهذا الثناء و الله تعالى أعلم و يحتمل أن يكون هذا هو المراد بما روى عقار بن المغيرة بن شعبة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم :
من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل

الصفحة 60