كتاب السلفيون وحوار هادئ مع الدكتور علي جمعة

الدكتور
علي جمعة
والأمانة العلمية (¬1)
أولًا: ذكر المفتي (ص74 - 75) حديث عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَجُلا ضَرِيرًا أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: «ادْعُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَنِي»، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ أَخَّرْتَ ذَلِكَ وَهُوَ خَيْرٌ، وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ»، قَالَ: «فَادْعُهُ»، قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ، فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ فَتُقْضَى لِي، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِيهِ» (¬2).
واستدل المفتي بهذا الحديث على جواز التوسل بذات الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ولكنه حذف منه قول الأعمى في دعائه: «وَشَفِّعْنِي فِيهِ»؛ لأنه دليل على أن الأعمى إنما توسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وليس بذاته.
أليس من الأمانة العلمية أن يذكر المفتي الحديث بنصه ولا يبتر الجزء الذي هو حجة عليه؟!! فإن قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للأعمى أن يقول: «وَشَفِّعْنِي فِيهِ» معناه: اقبل شفاعتي، أي اقبل دعائي في أن تقبل شفاعته - صلى الله عليه وآله وسلم - أي دعاءه وسؤاله لي- في أن ترُدَّ عليَّ بصري، هذا الذي لا يمكن أن يُفهَم من هذه الجملة سواه، ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد؛ لأنها تنسف بنيانهم من القواعد
¬__________
(¬1) لمعرفة المزيد مما ورد في كتبه الأخرى راجع كتاب (الدكتور علي جمعة إلى أين)، تأليف: طلحة محمد المسير (ص29 - 34).
(¬2) رواه الإمام أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك وقال: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»، ووافقه الذهبي.

الصفحة 35