كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

وبناء على هذه الروايات فإن كتاب الحماسة بجانب النسخة التي حملها أبو العواذل من همذان إلى أصبهان قد أخذه العلماء من طريقين أحدهما أبو رياض الذي رواه عن أبي المطرف عن أبي تمام، والآخر الحسن بن بشر الآمدي الذي رواه أيضًا عن أبي المطرف عن أبي تمام، وهذا يعني أن أبا تمام قد حمل معه من همذان نسخًا من الكتب التي صنعها في بيت أبي الوفاء بن سلمة، وإلا كيف تفسر أن أبا المطرف أخذ عنه كتاب الحماسة ورواه لكل من أبي رياش والآمدى، فنحن لا نستبعد أن يكون أبو الوفاء قد كلف أحد الكتبة بأن ينسخ له ما صنع أبو تمام من. كتب، وهي الكتب التي بقيت في بيته حتى جاء أبو العواذل فنسخها وحملها إلى أصبهان. أما ما صنعه أبو تمام من كتب بخط يده، فأغلب الظن أنه حملها معه حين غادر همذان، ومنه نسخة الحماسة حيث أنشدها أبا المطرف ورواها أبو المطرف بدوره لأبي رياش وللآمدي.
3 - أبو الحماسة:
لم يكن هم أبي تمام في الحماس أن يكون رواية جامع شعر، وإنما كان شاعرًا يريد أن ينتخب الجيد مما قاله غيره في أغراض الشعر المختلفة، ولهذا جاء صنيعه في الحماسة مختلفًا عمن سبقه من الذين صنعوا اختيارات في الشعر العربي مثل المفضل الضبي، وعبد الملك بن قريب الأصمعي وغيرهما، فهؤلاء كان همهم أن يجمعوا ما قالت العرب من شعر وأن ينتخبوا منه القصائد، دون النظر إلى الأغراض التي اشتملت عليها، وما اختاروه من قصائد يتفق مع ميولهم إلى اللغة وما يتصل بها من دروس، ومن أجل هذا جاء عمل أبي تمام في الحماسة ابتكارًا غير مسبوق، لأنه جعل عماد اختياره أبوابًا بلغت في الاختيار عشرة، كان للحماسة النصيب الأكبر منها، ولذا غلب هذا الغرض على اسم الكتاب، فسمي بكتاب الحماسة، أو ديوان الحماسة. والذي يفهم مما وصل إلينا من المراجع أن أبا تمام هو الذي أطلق عليه هذا

الصفحة 20