كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

الاسم، حيث نجد الآمدي يذكر في ترجمته للمثلم بن عمرو النتوخي قوله: "أنشد له الطائي في اختياره الذي سماه الحماسة".
ولعل الدافع في هذه التسمية يرجع إلى أن الحماسة أكثر الأبواب قطعًا في الاختيار أو لأنه الغرض الذي جاء أولًا في الاختيار، فحملت بقية الأبواب عليه، وقد ذهب إلى هذا الأستاذ علي النجدي ناصف وناقشه مناقشة مستفيضة مفادها: أن الحماسة جزء عظيم من الكتاب له بين سائر الأجزاء منزلة وشأن، وإنزال جزء الشيء لمزية فيه منزلة كله، وإجراؤه في الحكم مجراه عمل معروف وسنة متبعة" وكذلك الشأن في تسمية الشيء بأوله فهو معروف مقرر مثل تسمية بعض السور بأولها، والكتب والقصائد وغير ذلك.
أما لماذا استحق غرض الحماسة أن يكون أول الأغراض في الاختيار، فهذا في رأينا راجع إلى أن الحماسة أهم غرض دار حوله الشعراء في عصر ما قبل الإسلام، وهو عصر كان له نصيب وافر في اختيار الحماسة. يقول الدكتور شوقي ضيف، وهو يتحدث عن الجاهليين: "ولا نبعد إذا قلنا إن الحماسة أهم موضع استنفد قصائدهم، فقد سعرتهم الحروب وأمدها شعراؤهم بوقود جزل من التغني ببطولاتهم، وأنهم لا يهأبون الموت، يترامون نحوه تحت ظلال السيوف والرماح، مدافعين عن شرف قبائلهم وحماها، ويرتفع هذا الغناء بل هذا الصياح في كل مكان بحيث يخيل إلينا أنه لم يكن هنالك صوت سواه".
هذا في عصر ما قبل الإسلام أما في عصر صدر الإسلام وهو عصر ضم اختيار الحماسة شعرًا لشعرائه، فإنه أيضًا لم يخل من وجود الحماسة فيه، وبخاصة في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم - وسراياه، وما تلاها من فتوحات إسلامية. لهذا كله، ولكون الحماسة - كما قول التبريزي - شجاعة العرب والصفة الأولى من صفاتهم" حمل

الصفحة 21