كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

ولا شك في أن هناك فروقًا في عدد القطع في شروح الشراح، وفي روايات متن الحماسة، ويمكن أن نتبين هذه الفروق من خلال ثلاثة شروح، اثنان منها مطبوعان هما شرح المرزوقي وشرح التبريزي، والثالث الشرح الذي حققناه في الكتاب الثاني من هذه الدراسة، مضافًا إليها رواية أبي رياش للحماسة التي وجدناها في مخطوطة يرجع تاريخها إلى سنة 436 هـ، والجدول الآتي يبين هذه الفروق:
فواضح من خلال هذه الجداول أنه لم يقع اتفاق بين الروايات الأربع إلا في باب السير والنعاس الذي جاء في الروايات جميعًا تسع قطع، كما أن هناك اتفاقًا وقع بين ثلاث روايات هي رواية أبي رياش والمرزوقي وزيد بن علي حيث بلغ باب المراثي عندهم سبعًا وثلاثين ومائة قطعة، وشذ عنهم التبريزي حيث زاد عن الروايات الثلاث قطعتين، وبرز كذلك اتفاق اثنتين من هذه الروايات في باب من الأبواب مثل اتفاق المرزوقي والتبريزي في عدد قطع أبواب الهجاء والصفات والملح، واتفاق المرزوقي وزيد بن علي في قطع باب الحماسة، واتفاق أبي رياض وزيد بن علي في باب الصفات، والتبريزي وأبي رياش في باب مذمة النساء، والمرزوقي وزيد بن علي في الباب نفسه، أما بابا النسيب والأضياف فقد كان الاختلاف واضحًا بين الروايات الأربع، إذ لم تتفق رواية مع أخرى فيهما.
ويمكن إرجاع هذه المفارقات في إيراد القطع وعددها إلى اختلاف نسخ الحماسة التي كانت بين أيدي الشراح، ولقد أشار المرزوقي إلى هذا في أكثر من موضع في شرحه، ففي بيت ابن زيابة الذي يقول فيه:
آليت لا أدفن قتلاكم فدخنوا المرء وسرباله
قال المرزوقي: "هذا البيت لم أجده في نسخ كثيرة، فيغلب ظني أنه ليس من الاختيار".
وفي حماسية حريث بن عناب التي يقول في مطلعها:

الصفحة 23