كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

لجاز أن يدخل في باب النسيب جل الشعر الذي قاله الشعراء في الخمر.
وإذا كان بعض الشراح وفي مقدمتهم المرزوقي قد حاولوا أن يوجدوا مبررات متكلفة لوجود بعض القطع في غير موضعها فإنهم أيضًا قد نهبوا إلى أن بعضها في غير موضعه دون أن يحاولوا إيجاد المبرر لوجودها، وهو أمر يضع عمل أبي تمام في موضع النقص، فالمرزوقي مثلًا علق على القطعتين الأخيرتين من باب مذمة النساء بقوله في ختام شرحه: "وهذه المقطوعة وما قبلها باب الصفات أولى بهما فاتفق وقوعهما هنا".
وأمين الدين الطبرسي وقف عند أبيات سنان بن الفجل الطائي التي يقول فيها:
وقالوا قد جننت فقلت كلا وربي ما جُننت ولا انتشيت
ولكني ظُلمت فكدت أبكي من الظلم المُبين أو بكيت
وعقب عليها بقوله: "قد عيب علي أبي تمام إيراده مثل هذه الأبيات في باب الحماسة، والبكاء على الظلم ضعف وعجز، والوجه فيه أن بكاءه كان لمطالبتهم ما ليس لهم ولا سبيل له على الاعتساف والمغالبة فعل أهل الجاهلية إذ لا يراقب دين ولا يرهب سلطان".
ولقد حاول الأستاذ عبد العزيز الميمني الدفاع عن أبي تمام حين رأى المرزوقي وإضرابه ينبهون على الخلل الذي وقع في الاختيار في هذا الجانب فقال: عندي أن أبا تمام غير مسؤول عن هذا النقص لسببين: الأول أن أبا تمام أقدر على تصنيف الشعر بحسب معانيه فيضع شعر المدح في باب المدح وشعر النسيب في باب النسيب وهكذا، وليس الأمر على هذا نحو ما ذهب إليه المرزوقي في تعليل ما جاء من إخلال في التبويب، والآخر أن الحماسة أصبحت مع الزمن قبل أن تصل إلى المرزوقي نسخًا عدة فقد ذكر أنه عند شرحها كان يرجع إلى نسخ مختلفات المصادر، وهذا التعدد

الصفحة 27