كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

فتركتهم تقص الرمح ظهورهم من بين منعفر وآخر مُسند
ما كان ينفعني مقال نسائهم وقتلت خلف رجالهم: لا تبعد
فلولا مشاكلة هذه الأبيات لما قبلها في طرف من معانيها لما حُق لها أن تروي في هذا الباب.
وكذلك روى أبو تمام في باب الحماسة أبيات عمرو بن شأس المشهورة في كتب الأدب التي قالها في ابنه عرار، يحث زوجه علي أن ترفق به، ويهددها بالمفارقة إن لم تحسن معاملته، وهي الأبيات التي جاء في مطلعها:
أرادت عرارًا بالهوان ومن يُرد عرارًا لعمري بالهوان فقد ظلم
وهي أبيات نلمس فيها شيئًا من الشجاعة في القول لأن عمرو بن شأس رأى في معاملة زوجه لابنه ظلمًا، وهو يريد بهذه الأبيات أن يرفع الظلم عن ابنه، والوقوف في وجه الظلم أيًا كان مصدره يعد ضربًا من الشجاعة، ومن هنا كان وجود الأبيات في باب الحماسة، غير أن أبا تمام أردف قطعة عمرو بن شأس هذه بقطعتين أخريين ليستا من الحماسة في شيء سوى مشاكلتهما لقطعة عمرو بن شأس في بعض معانيها، الأولى منهما لإسحاق بن خلف يقول في مطلعها:
لولا أميمية لم أجزع من العدم ولم أُقاس الدجى في حندس الظلم
وهي تمثل عاطفة أب رحيم على ابنته يخشى عليها الضياع والذلة من بعده، والثانية لخطاب بن المعلى ذات ثلاثة أبيات يقول فيها:
لولا بنيات كزغب القطا رُددن من بعض إلى بعض
لكان لي مُضطرب واسع في الأرض ذات الطول والعرض
وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض
فواضح أن هذه الأبيات لا علاقة لها بباب الحماسة إلا من جهة أنها شاكلت أبيات إسحاق بن خلف وأبيات عمرو بن شأس في البرد بالولد والشفقة عليه.
ويمكن أن تلحظ في الحماسيات 253، 254، 255 في رواية المرزوقي،

الصفحة 30