كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

غير أن أبا تمام وإن كان مسبوقًا في الاختيار من شعر المقلين فإنه قد تجاوز ذلك إلى الشعراء المجهولين، فاختار لهم قطعًا وافرة في الحماسة، وهذا ما جعل للحماسة قيمة دون غيرها من الاختيارات فلولاها لا وقف الدارسون والعلماء على شعر هؤلاء المجهولين.
ومن الواضح لدى دراسي الحماسة أن أبا تمام قد اختار لشعراء من عصر ما قبل الإسلام، وشعراء مخضرمين، وشعراء من عصر بين أمية، وعصر بني العباس، غير أن الكثرة الكاثرة جاءت لشعراء ما قبل الإسلام وبعده، ومن هذا كانت أهمية الحماسة لدى علماء اللغة الذين توخوا في أعمالهم شعر عهود الاحتجاج. ولكننا إذا كنا قد لاحظنا اهتمام أبي تمام بالشعراء المقلين والمجهولين فإن اختياره لم يخل من شعراء بارزين، فمن شعراء عصر ما قبل الإسلام اختار أبو تمام للنابغة الذبياني وعنتره بارزين، فمن شعراء عصر ما قبل الإسلام اختار أبو تمام للنابغة الذبياني وعنترة بن شداد وطرفة بن العبد وعمرو بن كلثوم، وهؤلاء الأربعة من أصحاب القصائد الطوال إذا جمعنا بين روايتي حماد الرواية والمفضل الضبي لهذه القصائد. وبجانب هؤلاء اهمت أبو تمام بنفر من الشعراء الصعاليك مثل الشنفرى وتابط شرًا وعروة بن الورد. أما البارزون من الشعراء المخضرمين الذين اختار لهم فيأتي على رأسهم لبيد بن ربيعة وحسان بن ثابت، والنابغة الجعدي، والشماخ بن ضرار، وربيعة بن مقروم، وعبدة بن الطبيب، ومتمم بن نويرة، والخنساء بنت عمرو بن الشريد.
واشتمل أيضًا اختياره على شعراء بارزين من عصر بن أمية يتقدمهم الشاعران الكبيران الفرزدق وجرير، ويليهما ذو الرمة وعمر بن أبي ربيعة، وجميل بن

الصفحة 39