كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

وحين وصلنا ظهور شروح الحماسة ثم تواليها بعد ذلك عبر القرون رأينا أن نستعرض هذه الشروح منذ أول شرح وصل إلينا خبره والى عصرنا هذا الحديث، فكان أن صنعنا ثبتًا لها، وضعنا في مقدمته شرح أبي القاسم الديمرتي المتوفى سنة 287 هـ باعتباره أقدم شارح وصل إلينا خبر عنه أنه صنع شرحًا للحماسة، وسجلنا أن هذا مخالف لما ذهب إليه البغدادي في الخزانة من أن أول من شرح الحماسة هو أبو عبد الله النمري المتوفى سنة 385 هـ، ومخالف كذلك لما ذهب إليه عبد السلام هارون وعبد الله عسيلان أن أبا رياش هو أول من فعل ذلك، ولم يفتنا ونحن نوضح ذلك أن نسجل أن الديمرتي وإن جاء في مقدمة شراح هذا الثبت ليس هو أول من شرح الحماسة فقد سبق إليه من بعض الشراح الذين لم يصل إلينا خبر عن شروحهم، وذلك بناء على الإشارة التي وردت في مقدمة شرح النمري من أنه -أي الديمرتي- كان متبعًا لغيره في بعض شرحه.
لقد تتبعنا الشروح وفق ما أسعفتنا به المصادر إلى هذا العصر الحديث فبلغت في ثبتنا الذي صنعناه أربعة وأربعين شرحًا، وأشرنا إلى أنه قد سبقنا في عمل مثل هذا الثبت كل من عبد السلام هارون وعبد الله عسيلان، وأن ثبت هارون قد بلغ لديه ثلاثين شرحًا، وبلغ ثبت عسيلان خمسة وثلاثين شرحًا، وبهذا نكون قد أضفنا تسعة شروح فوق ما أورداه معا، كما كنا نحن نورد هذه الشروح نناقش ما دار حولها من أقوال، ونوضح ما هو صحيح النسبة لصاحبه وما هو غير صحيح، دالين على المفقود منها والمخطوط والمطبوع، هذا فضلًا عن تذييلنا لهذا الثبت بشروح مجهولة المؤلف عثرنا عليها من خلال بحثنا وتنقيرنا في المكتبات المختلفة.
ثم كان أن انطلقنا من إيراد هذا الثبت لتوضيح الشروح التي تدخل في دائرة الفترة الزمنية التي حددناها لهذا البحث وهي نهاية القرن السادس الهجري، فرأينا أن هذه الفترة قد ضمت ثلاثة أنواع من هذه الشروح، نوع تمثله شروح لم يصل عنها شيء، ولا يعرف مكانها حتى الآن، ونوع تمثله شروح وصلت إلينا، منها شرحان مطبوعان ومنها شروح مخطوطة جمعناها من مكتبات العالم، ونوع ثالث تمثله شروح لم تصل إلينا ولكن وصلت عنها نقولات متعددة في الشرحين المطبوعين

الصفحة 397