كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

يورد كل ما قاله النمري في معاني الأبيات، وإنما يكتفي بذكر جزء ينطلق منه لينال من النمري، الأمر الذي جعل البغدادي يتهمه بالتزييف، وثالثهما: أنة كثيرا ما كان يخرج في عملة التتبعي التقويمي عن الموضوعية، وذلك باستخدامه العبارات الجارحة يرددها في ثنايا كتابة بقصد النيل من أبي عبد الله النمري والحط من قدرة، ورابعها: اضطرابه في الحكم علي النمري حيث اشتملت أحكامه علي شيء غير قليل من الاضطراب والتناقص، غير أننا ونحن نورد هذه الآخذ ونقيم الأمثلة علي صحتها والدلالة عليها، لم يفتنا أن نسجل ما انتهينا إلية في عمل الرجل، فهو بالرغم من هذه المآخذ التي أخذناها علية فإنه قد استطاع بحق وفي جوانب متعددة من عملة أن يسهم في خدمة ديوان الحماسة إسهاما طيبا يدل علي جهده وعلمه.
أما المنهج التجميعي الانتخابي فقد خصصنا لتطبيقه ودراسته شرح أبي زكريا التبريزي الأوسط المتداول بين أيدي الناس. ولكننا قبل أن نبدأ في التطبيق نوهنا إلي أن هناك عالمين من علماء القرن السادس الهجري قد تابعا التبريزي في منهجه هذا واستطاعا أن يحققا معاييره وصفاته في عمليهما وهما أمين الدين الطبرسي، وأبو الرضا الراوندي، وكان يمكن أن نطبق هذا المنهج علي عمل أحدهما، غير أن ريادة التبريزي في هذا المنهج ألزمتنا بأن نخصه بهذا التطبيق، فكان أن لاحظنا أولا الجوانب التي بدت نظرية في كلام الدكتور العمري في هذا المنهج، فأكدنا أن التبريزي قد حاول أن يجمع في شرحه ما يحقق جميع العناصر المطلوبة في الشرح ولكنة لم يوفق بين هذه العناصر توفيقا تاما، وينسق بينهما بانسجام يشعرنا بالتكامل والترابط إلا في مواضع ضئيلة من شرحه، كما أنه أعتمد في جمهور شرحه علي المرزوقي محاولا أن يكمل ما فيه من نقص من الشروح الأخرى، غير أن هذه الشروح لم تكن لتسد حاجته في استكمال هذا النقص، ومن ثم جاءت جملة من النصوص خالية تماما من أدني شرح، وكان مقتضي عملة- وهو الشارح المنتخب- أن يسد هذا النقص من عنده، ولكنة لم يكن مبدعا بحيث يحقق بإبداعه وإعمال فكرة استكمال ما ينتخبه من الشروح، هذا فضلا عن انسياقه المتكرر وراء

الصفحة 405