كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

شيخه أبي العلاء في إستطرادتة المختلفة، وكذلك إنسياقة وراء أبي رياش في نقولات سود بها العديد من الصفحات دون أن يعمل فيها قلمه بالتهذيب والتشذيب أو الحذف والاختصار، الأمر الذي أدي إلي طغيان عنصر أخبار الشعر علي عناصر الشرح في القطع التي كان أبو رياش يذكر خبر أبياتها أو بواعث الشعر فيها.
لقد حاولنا أن نتتبع التبريزي في سائر العناصر التي ضمها شرحه قصدا إلي بيان كيفية انتخابه من الشروح التي سبقته لكل عنصر منها، وكان كل ذلك عن عدة ملاحظات بعضها سلبي وبعضها إيجابي، فمن الملاحظات الإيجابية أنة كان ينظم ما ينقله من الشروح وبخاصة حين ينقل من الشرح الواحد أكثر من عنصر، فهو كما رأيناه يكثر النقل من شرح المرزوقي، ولكنة كان يتصرف فيما ينقله حيث ينظمه ويرتبه وفق الرؤية التي يراها في معالجة عناصر الشرح لا وفق ما جاءت في شرح المرزوقي، ومنها أيضا أنة علي كثرة نقله من الشيوخ دون ان يبدي رأيا فيما ينقل، كانت له بعض المواقف التي دلت علي شخصيته في العمل الانتخابي وهي مواقف وإن كانت ضئيلة إذا ما قيست بالكثرة الكاثرة التي بدا فيها مجرد جماع ناقل، فإنها علي أية حال دلت علي ذاتية فيه، وعلي حضور ذهن فيما كان يعرضه من آراء أثناء عملية الشرح.
أما الملاحظات السلبية فمنها أنه وغيرة من الشراح الذين اتخذوا هذا المنهج سبيلا قد وقعوا في ظاهرة سلبية في الانتخاب وهي أنهم كانوا لا يعزون جميع ما ينتخبون من آراء وأقوال إلي أصحابها، وبخاصة حين ينقلون عن المرزوقي حيث كانوا يوردون كلامه في صورة توحي بان هذا من عملهم وجهدهم، ومن ثم بدت خطورة هذه الظاهرة في عمل الانتخابيين من حيث إنها تجعل الدارسين لشروحهم أو المستفيدين منها في اضطراب مستمر حين ينسبون إليهم أقوالا ليست لهم أو يجعلون لأعمالهم قيمة لا تؤول إليهم في واقع الأمر.
ومنها كذلك كثرة نقلة من أبي رياش أخبار الشعر وما يتصل بها من شخصيات وأشعار، وهو لم يكتف بإيراد هذه الأخبار وما يتصل بها فحسب بل كان يزيد عليها تعليقات شيخه أبي العلاء علي جزيئات

الصفحة 406