كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

طريق ما كان ينتخبه التبريزي في شرحه، وقد رأينا بالرصد أن نقولات التبريزي عن شرح أبي العلاء قد بلغت نحو بضعة ومائة موضع، غير أنها مع تنوعها والإسهاب في بعضها لم تيسر لنا تحديد منهج أبي العلاء في شرحه فقد جاءت جل هذه النقولات في شرح أسماء الشعراء، وفي اللغة والنحو، ولاحظنا أن نقولات التبريزي عنة في عنصر المعاني كانت ضئيلة جدا، وذلك بسبب أن التبريزي في شرحه الانتخابي كان يعتمد في عنصر المعاني علي المرزوقي، ولهذا قل انتخابه من الشروح الأخرى في هذا العنصر غير أن دراستنا لعل أبي العلاء في عنصر اللغة والنحو وملاحظتنا حرصه الدائم علي مراعاة المعني في التحليل اللغوي والإعرابي جعلتنا نسجل أنة كان ذا اهتمام بهذا العنصر، فلم يكن مقتصدا مقتصرا فيه كما ذهب الدكتور العمري ولا كانت عنايته باللغة صارفة له عن التدقيق في معاني الشعر، يعرضها في صورة تكاد تكون نثرا كما ذهب الدكتور عسيلان، لقد ناقشنا هذا الجانب في كلام الباحثين وبينا عدو صحة ما ذهبنا إلية من قول.
إن هناك عناصر لم تكشف عنها نقولات التبريزي من شرح أبي العلاء مثل عنصر الرواية الذي جاء النقل فيه أشد ضآلة من عنصر المعاني، ومثل عنصر الأخبار التاريخية الذي لم يورد التبريزي منة سوي في موضع واحد، ومثل البلاغة والنقد اللذين لا وجود لهما البتة في نقولات التبريزي.
لقد لاحظنا إن أبا العلاء كان في شرح أسماء الشعراء أشبة بابن جني، غير أنة يختلف عنة في أنة لم يجنح إلي التصريف كما كان يفعل أبن جني، كما أنة في عنصري اللغة والنحو لم يكن مثله ينظر إلي الأبيات التي تثير قضية لغوية أو نحوية، ولا ينظر إلي المعني إلا من خلال ارتباطه بالإعراب، كذلك لم يكن يعمد إلي إثارة الخلاف بين أبي الحسن الأخفش وسيبويه وينظر إلي ما تعطيه أبيات الحماسة من دعم لرأي أحد الرجلين، كل هذه الأمور التي لاحظناها في عمل أبن حني لم يكن لأبي العلاء شأن فيها. هذا فضلًا عن أبن جني كان في عملة الذي رأيناه له في ((التنبيه)) علميا بحتا، أما أبو العلاء فإنه بجانب جنوحه نحو اللغة وتحليلها في النصوص، فإن عملة لم يخل من جانب أدبي، وبخاصة في نظرته إلي كلام العرب ونقله الكثير

الصفحة 410