كتاب شروح حماسة أبي تمام دراسة موازنة في مناهجها وتطبيقها

من أدبها ليدلل به علي صحة المعني اللغوي للألفاظ والتراكيب أو المعاني النصوص ومقاصد الشعراء.
هذا الذي فصلناه في الموازنة بين عمل أبي العلاء وأبن جني فصلناه أيضا بين عملة وأعمال أصحاب المناهج الأخرى، ومن ثم انتهينا إلي أن ما وصل إلينا من عمل أبي العلاء شيء مختلف عن سائر المناهج الخمسة بحيث لم يتأت لنا إدراجه تحت واحد منها.
وإذا كنا قد درسنا الشروح الواضحة المنهج والشروح غير الواضحة فإن دراستنا لها جميعا قد كشفت عن ظاهر عامة شملت سائر أعمال الشراح، ومن هذا كان أن خصصنا الفصل الثاني من هذا القسم الأخير لدراسة هذه الظاهر فلاحظنا أنها من خلال رصدنا لها يمكن تصنيفها في ثلاث مجموعات: مجموعة تتصل بمتن الحماسة وتشمل ظاهرتين إحداهما: قلة رجوع الشراح إلي الأصول في رواية متن الحماسة، والأخرى تغاضيهم عن مناقشة النحل في المتن المختار من قبل أبي تمام، ومجموعة تتصل بمادة الشروح وتشمل ثلاث ظاهر إحداهما الاستطراد والتوسع في بعض عناصر الشرح، والثانية طغيان اللغة والنحو في عملية الشرح، والثالثة إغفال الشاعر والعوامل الموحية له بالشعر، ومجموعة تتصل بالشراح أنفسهم وتشمل ظاهرة واحدة هي تسلط نزعات الشراح وأهوائهم في أعمال الشرح.
لقد درسنا هذه الظاهر وفق مجموعاتها، ووفق ما أفرزته هذه الشروح من أعمال، وانتهينا إلي أن عدم رجوعهم إلي مجاميع الشعر ودواوين الشعراء قد أدي بهم إلي الوقوع في افتراضات لا معني لها حين كان أبو تمام يختار بعض الشعر ويسقط بعضة الآخر، كما حرمهم من دراسة تطبيقية في طريقة اختيار أبي تمام للشعر، ومعرفة دقته فيما كان يختار وما كان يترك، كذلك لاحظنا أنهم لم يناقشوا الإشارات التي صدرت عن الشراح الأوائل حول نحل بعض القطع وتوليدها، وإنما وقفوا عند حد النقل وترديد ما قالوه دون أن يناقشوا صحته أو خطأه علي النحو الذي رأيناه فيما بعد عند الباحثين المعاصرين.
أما في ظاهرة التوسع والاستطراد فقد لاحظنا أنة لم يسلم منها شارح من

الصفحة 411