كتاب شرح حماسة أبي تمام للفارسي (اسم الجزء: 2)

المرزوقي في شرحه قط، فلو أنه وقف على شرح المرزوقي وقوف ناقل محور كما يزعم الدكتور عسيلان لما فات عليه أن يذكره، ولو من قبيل الاعتراض عليه، كما فعل التبريزي الذي وصفه عبد السلام هارون بأنه كان عالة في جمهور شرحه على المرزوقي، ينقل منه ما يريد دون عزو، ولا يذكره إلا في المواطن التي يعترض عليه فيها.
وثانيها ما ثبت لدينا من خلال الدراسة الدقيقة المتأنية أن المصنف قد ينقل ممن سبقه دون عزو ولكنه لا يحور في الكلام المنقول أو يتصرف فيه بل ينقله حرفيا فما الذي يجعله ينقل من المرزوقي متصرفاً، ولا يتصرف في النقل من غيره، ففي الحماسية رقم (167) قال المصنف في بيت الشنفرى:
هنالك لا أرضى حياة تسرني ... سجيس الليالي مبسلا بالجزائر
"سجيس الليالي آخر الليالي، أي امتداد الدهر، وذلك أن الشيء أذا طالت مدته تغير في غالب الأمر فكأنه قال: لا أكلمك إلى آخر المدة التي يتغير فيها الدهر"، فهذا الكلام منقول بنصه من ابن جني في التنبيه حيث قال: "ومنه قولهم لا أكلمك سجيس الليالي أي امتداده والتقاؤه، وذلك أن الشيء إذا طالت مدته في غالب الأمر تغير وفسد فكأنه قال لا أكلمك إلى آخره المدة التي يتغير فيها الدهر".
وفي المرثية رقم (57) في بيت أم الصريخ الكندية القائل:
ولو أنهم فروا لكانوا أعزة ... ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما
نقل التبريزي قول أبي عبد الله النمري وقد جاء فيه: "ظاهر الكلام يدل على أنهم أسلموا وخذلوا وكثرتهم الخيل فأحسنوا البلاء فقتلوا، ولوفروا لعذروا ولم يلاموا لوضوح عذرهم، ولأنهم عرفوا بالشجاعة من قبل". فهذا القول نكاد نجده

الصفحة 25