كتاب شرح حماسة أبي تمام للفارسي (اسم الجزء: 2)

(الثاني من الطويل والقافية من المتدارك)
جزى الله خيرًا من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدمت بالأمس يُسبق
قضيت أمورًا ثم غادرت بعدها بوائج في أكمامها لم تفتق
كان الشماخ نصرانيًا، وكان جميع الملل يحبون عمر - رضي الله عنه - لحسن طريقته وشمول عدله وأمن الرعية في سلطانه، وقوله: باركت يد الله أي بارك الله واليد صلة، والأديم الممزق: جلده الذي أصابته الجراحة، ويروى "ذاك الأهاب الممزق" وقوله: فمن يسع ... الخ يريد من تكلف لحاقك كان مسبوقًا لأنه لا يلحقك، وبوائج أي دواهي واحدتها بائجة، ويروى "بوائق" بمعناها، يعني أن ما بقي من أمر السياسة ما لم يفرغ منه دواه، رأيت الوجه فيها تركها مغطاة، وفسر بعضهم أن معنى قوله: بوائج ضغائن في قلوب رجال كأبي سفيان وأهل بيته لم تفتق لم يظهروها، لأنهم لم يجسروا على إظهارها. المعنى: يرثيه ويثني عليه بالسبق فيما كان يأتي ويذر.
أبعد قتيل بالمدينة أظلمت له الأرض تهتز العضاه بأسوق
ويروى "أصبحت له الأرض" وقال بعضهم أن "أظلمت له الأرض" خطأ واضح بأن قال: كيف تهتز العضاه وتظلم الأرض في حال واحدة وهما مخالفان لأن أظلام الأرض من غم عظيم واهتزاز العضاه من السرور والنعيم. وليس كما ذهب إليه لأن قوله: أظلمت متعلق معناه بقوله: أبعد قتيل بالمدينة الذي أظلمت الأرض لموته فيكون صحيحًا، ولا يكون الإظلام والاهتزاز متصلين، وتقديره يكون وبعد ما أظلمت له الأرض، أي لموته الأرض، أي بعد ذلك كيف يهتز العضاه له، ولأجله

الصفحة 489