كتاب شرح حماسة أبي تمام للفارسي (اسم الجزء: 2)

من لنفس عادها أحزانها ولعين شفها طول السهد
جسد لفف في أكفانه رحمة الله على ذاك الجسد
فيه تفجيع لمولى غارم لم يدعه الله يمشي بسبد
عادها: جاءها قالوا والعود بمعنى الابتداء قد يستعمل، وفي التنزيل "وما يكون لنا أن نعود فيها"، وشفها أضر بها وأذى بها، وتفجيع لمولى غارم تعني ابن عم له لزمه الغرم وكان يتحمل عنه فقد فجعه فقده، وبسبد تعني المال، تريد أفقره فلم يبق شيئًا، ويروى "لملوى جارم" المعنى تقول: من لنفس حزينة وعين ساهرة بإزالة الغم عنها، ثم ذكرت السبب في حزنها وسهرها فقالت: جسد تعني جسد المرثي، واسترحمت له ووصفته بكفايته الجناة والغارمين.
(134)
وقالت امرأة من بني الحارث:
(من الرمل والقافية من المتدارك)
فارس ما غادروه ملحمًا غير زميل ولا نكس وكل
لو يشا طاربه ذو ميعة لاحق الآطال نهد ذو خصل
غير أن البأس منه شيمة وصروف الدهر تجري بالأجل
ما زائدة في ما غادروه، والمغادرة الترك، وملحمًا أي طعمة للسباع والزميل الضعيف، والنكس الذي لا خير فيه، وقولها: لو يشأ طار به ... البيت تعني فرسًا نشيطًا، والميعة النشاط تقول: لو شاء لنجا ولكن البأس شيمة منه منعته من الفرار فقتل، وقولها لاحق الآطال أي مضمر الخواصر. المعنى: تصف أنه ترك مقتولًا، ونفت عنه الضعف، وقالت: كان يقدر على الخلاص ولكن طبعه ومنعه من الفرار فقتل، وصروف الدهر تجري بالأجل أي تجري الأجل.

الصفحة 498