كتاب شرح حماسة أبي تمام للفارسي (اسم الجزء: 2)

الديمرتي إن ((عدا)) غلط لأن الليث دائم العدوان فغلظ أيضًا, لأنه لا يعدو إلا عند رؤية الصيد وقصده, ولا يكون دائمًا قاصدًا للصيد, وإنما يقصد وقت الحاة, وتوهين تضعيف, وتأييم قتل الرجال حتى تبقى النساء أيامي, وتخضيع أي تذليل, وتفجيع من الفجيعة وهي المصيبة, وقوله: إقران قد أكثروا القول فيه, فقيل: معناه الإطاقة من قوله تعالى: } وما كنا له مقرنين {, وقيل: معناه تذليل من قولهم: أقرن الرمل إذا لأن, ويقال: غلبة من قولهم أقرن فلان إذا غلب, وقيل: أقران مواصلة لا فتور فيها, المعنى: فلما ظهر الشر من بني ذهل كل الظهور, ولم يبق موضع للعذر فعلنا بهم مثل فعلهم في الإساءة, وقصدناهم كما يقصد الليث إلى فريسته غضبان بضرب, وفي ذلك الضرب قتل الرجال في قول من روى تأييم وتفجيع, وتذليل في قول من روى تخضيع, وقد بينا معنى الأقران:
وطعٍن كفم الزق إذا والزق ملآن
إذا: سال, وجرح غاٍذ أو سائل. المعنى: مشينا لهم بضرب كما وصفه, وبطعن واسع الجرح كثير سيلان الدم, وشبه بالزق الممتلئ إذا سال ما فيه:
وبعض الحلم عند الجهل للذلة إذعان
في الشر نجاة حين لا ينجيك إحسان
المعنى: يعتذر لقومه ولنفسه فيما كان منهم من الإساءة لبني ذهل أو بني هند, يقول: احتملناهم فلم يرتدعوا, والحلم عن الجاهل مع إصراره على الإساءة انقياد للذل, وإذا لم يخلصك الإحسان من أذى صاحبك فخلاصك منه في أن تقابله بمثل ما فعله من السوء, فلذلك قابلناهم بالقتل.

الصفحة 82