كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

وفي "الصحيحين" (¬١) عن الرجل الذي كان يُخْدَع في البيع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بايعتَ فقلْ: لا خِلابَة".
وهذا شرط موافقٌ لمقتضى العقد؛ ولكن أراد بيانه - أيضًا - بالشرط، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في بيع العدَّاء (¬٢): "بيع المسلم للمسلم لا داءَ ولا غائلةَ ولا خِبْثَةَ" (¬٣). يُبَيَّنُه قوله: "ولا تحلُّ الخلابةُ لمسلمٍ"، وإذا حُرِّمت الخلابة فالحيل خلابة، إما مع الخَلْق أو مع الخالق، وهو - سبحانه - أحق أن يُستحيى منه.

الوجه العشرون (¬٤): ما أخرجاه في "الصحيحين" (¬٥) عن أبي حُميد الساعدي قال: استعمل نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من الأزد يقال له: ابن اللُّتْبِيَّة على الصدقة، فلما قَدِم قال: هذا لكم وهذا أُهديَ لي، قال: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فَحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني استعملُ الرجلَ منكم على العمل مما ولَّاني
---------------
(¬١) البخاري رقم (٢١١٧)، ومسلم رقم (١٥٣٣) وغيرهما من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(¬٢) قال الحافظ في "الفتح": (٤/ ٣٦٣): "بالتثقيل وآخره همزة - بوزن الفعَّال - ابن خالد بن هوذة بن ربيعة بن عمرو ... ، صحابي قليل الحديث، أسلم بعد حنين" اهـ.
(¬٣) أخرجه الترمذي رقم (١٢١٦)، وابن ماجه رقم (٢٢٥١)، والدارقطني: (٣/ ٧٧)، والبيهقي: (٥/ ٣٢٧) وغيرهم.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عباد بن ليث"، وحسنه الحافظ في "الفتح": (١٢/ ٣٦٧). و"خبثة" بضم الخاء وكسرها.
(¬٤) "الإبطال": (ص/ ٢٣٢).
(¬٥) البخاري رقم (٣٦٣٦)، ومسلم رقم (١٨٣٢).

الصفحة 107