كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

الصحابةُ في طلاق الفارِّ (¬١).
وأما الأفعال؛ فإن اقتضت الرخصة للمحتال لم تحصل، كالسفر للقصر أو الفِطْر. وإن اقتضت تحريمًا على الغير، فإنه قد يقع ويكون بمنزلة إتلاف النفس والمال. وإن اقتضت حِلًّا عامًّا إما بنفسها أو بواسطة زوال الملك؛ فهذه مسألة القتل وذبح الصيد للحلال، وذبح المغصوب للغاصب.
وبالجملة؛ فإن قَصَد (١٦٧/ ب) بالفعل استباحةَ محرَّم؛ لم يحل، وإن قصد إزالة ملك الغير ليحلّ له؛ فالأقْيَس أن لا يحل - أيضًا - له، ويحل لغيره.
وهنا مسائل كثيرة لا يمكن ذكرها هنا، نبَّهنا على هذا القَدْر من الحِيَل وإبطالها، والكلامُ في التفاصيل ليس هذا موضعه، وهذا القدر أنموذج منه يُسْتَدل به على غيره، وأما الكلام في إبطال الحِيَل؛ فباب واسع، يحتمل كتبًا كثيرة (¬٢)، وإنما الغرض هنا التنبيهُ على إبطالها وتمهيدُ القاعدة لمسألة التحليل.
وقد استدلَّ [عليه] البخاريُّ (¬٣) بقوله [- صلى الله عليه وسلم -]: "لا يُجمع بينَ متفرِّقٍ ولا يُفَرَّق بين مُجْتمِع خَشْيَةَ الصَّدَقة"، فإن النهيَ عامٌّ قبل
---------------
(¬١) طلاق الفارّ (أو الفرار) هو: أن يطلق امرأته طلاقًا بائنًا في مرض موته.
انظر "مجموع الفتاوى": (٣١/ ٣٦٩)، و"القاموس الفقهي": (ص/ ٢٣١).
(¬٢) "الإبطال": "كتابًا كبيرًا".
(¬٣) في كتاب الحيل، بابٌ في الزكاة، وأن لا يُفرَّق بين مجتمع ولا يُجمع بين متفرّق خشية الصدقة، رقم (٦٩٥٥).

الصفحة 123