كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

يُمَلِّكها إيَّاه، وهي لم تشعر بذلك.
ثم يحتمل أنهم أرادوا: أن النكاح باطل في حق الأول فقط، بمعنى أنها لا تُرَدّ إليه؛ لأنه قَصَد تعجيل ما أجَّله الله، فيُعاقَب بنقيض قصدِه، ويُشْبه ما لو تسبَّب رجل في الفرقة بين رجلٍ وامرأته، بأن لمزها عندَه بشيءٍ حتى فارقها، ثم أراد هو أن يتزوَّجها، فلا تحلُّ لذلك المفرِّق عقوبةً له.
وهذا كما نقوله، على إحدى الروايتين، لو خطبَ على خِطبة أخيه: إن عقْدَه باطل، ولهذا قالوا: إذا نوى أحدُ الثلاثة أنه محلِّل، فنكاح هذا الآخر باطل، ولا تحلُّ للأول.
وهذا إنما يقال فيمن له فِعْل في النكاح الثاني، أما إذا لم يوجد من الأول فعلٌ أصلًا، وقد تناكح الزوجان نكاح رغبة، والأولُ يحب أن يطلِّقها، فهذا أقصى ما يقال: إنه متمنٍّ محبٌّ وليس بناوٍ، ولأن نية المرء إنما تتعلَّق بفعله، وما تعلَّق بفعل غيره، فهو أُمنية.
ووَجْه ما ذهب إليه مالك وأحمد - رحمهما الله -: ما استدلَّ به أبو عبد الله من أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لعن المحلِّل والمحلَّل له، فلو كان التحليل يحصل بنية الزوج تارة (١٧٤/ ب) وبنية الزوجة أخرى؛ للعنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك أبلغ من لَعْنه آكلَ الربا وموكله، فلما لم يذكرها عُلِم أنَّ التحليل الذي يكون بالنية إنما يُلْعَن فيه الزوج فقط.
ولا يقال: لفظ (المحلِّل) يَعُم الرجل والمرأة، لقوله: "ألا

الصفحة 156