كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

فروى البخاري (¬١) مرسلًا: أنها اشتكت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت: إنما معه مثل هُدْبة الثوب، فجاء ومعه ولدان من غيرها وقال: والله كذبت يا رسول الله إنما (¬٢) أنفضها نفضَ الأديم ولكنَّها تريدُ رفاعة، فقال لها رسول الله: فإذا كان كذلك لم تحلين له حتى تذوقي العُسَيلة ... الحديث.
وأسنده سويد بن سعيد.
فتكون قد جاءت قبل طلاقه وبعده، فيدلُّ على رغبتها في الأول، وأنها كانت قديمة، ولم يُفصِّل الرسول، فَعُلِم أن الحكم لا يختلف.
وأيضًا: فإن كانت تحبُّ أن ترجع إلى الأول، فالمرءُ لا يُلام على الحبّ والبغض، وإنما عليه أن يتّقي الله (¬٣).
وبكل حالٍ؛ فإذا تسبَّبت إلى أن تفارق الثاني بالخلع، وقد كانت من حين العقد تريد ذلك، فهي مدلِّسة غارَّة للزوج، وهذا نوعٌ من الخلابة والخديعة، وهي حرام، فلا تدخل هذه الصورة في كلام أحمد، فإنه إنما رخَّص في مُطْلَق نِيَّةِ المرأة، والنيةُ المطلقة إنما تتعلَّق بأن يتزوَّج الأول من غير فعلٍ محرَّم، أما إذا نَوَت
---------------
(¬١) رقم (٥٨٢٥).
(¬٢) كذا في "الأصل" و (م)، و"الإبطال" و"الصحيح": "إني".
(¬٣) كذا في "الأصل" و (م)، والعبارة في "الإبطال": (ص/ ٤٤٧): "وإنما عليها أن تتقي الله سبحانه في زوجها وتُحسن معاشرته، وتبذل حقَّه غير متبرِّمة ولا كارهة، فإذا نوت هذا وقت العقد، فقد نوت ما يجب عليها ... " اهـ.

الصفحة 159