كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

الاختلاعَ من الثاني، فهذه نية محرَّمة؛ لأنها تمنع قصدها للنكاح ورغبتها فيه، فلم يكن العقد مقصودًا، وهي أحد المتعاقدين، بخلاف من نوت أن العقد إذا انفسخ تزوَّجت الأول.
وتحريمُ هذا أشدُّ من تحريم نية الرجل من وجه، وذاك أشد من وجهٍ آخر، فإن الرجلَ إذا أراد الطلاقَ فهو في يده، بخلاف المرأة إذا أرادت إلاختلاع وليس في يدها، فربما جرَّها إلى فعل محرم من تعدِّي حدود الله. ونية التحليل ليس فيها من خديعة المرأة ما في نيَّة المرأة من خديعة الرجل، وإنما حرمت تلك لحق الله تعالى.
وأيضًا: فالمرأة إذا تزوَّجت قاصدةً للتسبب في خلع الرجل، فالتحريم لحقِّ الرجلِ؛ لما فيه من الخلابة والخديعة.
فأمَّا إذا طلب المطلِّق الأول من هذا الثاني أن يخلع المرأة أو يطلقها، أو دسَّ إليه من يفعل ذلك؛ فهذا يمنزلة ما لو حَدَث للمرأة ذلك (١٧٥/ ب) بعد العقد, فإن المطلق ليس له سبب في العقد الثاني، وقد نصَّ أحمد على أن ذلك لا يحل.
نَقَل عنه مُهنَّا في رجلٍ قال لرجل: طلِّق امرأتَك حتى أتزوَّجُها ولك أَلْف, ففعل؟ فقال: سبحان الله! لا يحلُّ هذا.
فقد نصَّ على أنه لو اخْتَلعها ليتزوَّجها لا تحلّ له، ولو شرط في عقد الخلع أنه يريد التزويج بها؛ فهو أقبح من أن يقصده بقلْبِه، فالمرأة أيضًا إذا اختلعت للتزوُّج بغيره، فهو أشد؛ لأن الأذى بطلب المرأة ذلك أشد من طلب الأجنبي.

الصفحة 160