كتاب شفاء العليل في اختصار إبطال التحليل

اليهودُ فتستحلَّوا محارمَ اللهِ بأَدْنَى الحِيَل" (¬١).
وقد روى البَرْقاني وأبو داود: "ليكوننَّ من أمتي أقوام يَسْتحلُّون الحر والحرير يُمْسَخ منهم قردةً وخنازير إلى يوم القيامة" (¬٢)، فيكون استحلالهم الخمر بمعنى أنهم يشربون بعض الأنبذة ويسمُّونها بغير اسمها، كما ذكره - صلى الله عليه وسلم -. وأيضًا: يستحلون المعازف بنوع تأويل، وأنها تشبه أصوات الطير، وكذلك الخز (¬٣) قياسًا على حالة الحرب، وهذه التأويلات واقعة في الطوائف الثلاثة، التي قال فيها ابنُ المبارك:
وهل أفسدَ الدينَ إلا الملوك ... وأحبارُ سوءٍ ورُهْبانُها
ومعلوم أنها لا تغني عن أصحابها شيئًا بعد أن بلَّغ الرسول وبيَّن تحريم هذه الأشياء (١٤٩/ ب) بيانًا قاطعًا للعذر.
ثم رأيتُ هذا المعنى قد قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ليشربَنَّ ناسٌ من أُمتي الخمرَ يُسَمُّونها بغير اسمها، يُعْزَف على رؤوسهم بالمعازف والقيان، يخسفُ اللهُ بهم الأرضَ ويجعل منهم القِرَدة والخنازير" رواه أبو داود وابن ماجه (¬٤).
---------------
(¬١) سيأتي تخريجه، وسياق سنده، والحكم عليه (ص/ ٤٢).
(¬٢) أخرجه البرقاني - مسندًا - في مستخرجه على البخاري.
وأبو داود - مختصرًا بهذا اللفظ - رقم (٤٠٣٩).
والبخاري في الصحيح - معلقًا - رقم (٥٥٩٠) بسياق أتم، وانظر ما سيأتي (ص/٤٥).
(¬٣) كذا في الأصل و (م)، وفي "بيان الدليل": "الحرير".
(¬٤) سيأتي تخريجه (ص/ ٤٥).

الصفحة 37