كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الليلة (¬١) المدلهمَّة الشديدة الظلام.
لا تسقط ورقةٌ إلا بعلمه، ولا (¬٢) تتحرك ذرَّة إلا بإذنه، ولا يقع حادثٌ إلا بمشيئته، ولا يخلو مقدورٌ عن حكمته، فله الحكمة الباهرة، والآيات الظاهرة، والحجَّة البالغة، والنعمة السابغة على جميع الأنام.
وسع كل شيء رحمة وعلمًا، وأوسع كل مخلوق فضلًا وجودًا وحلمًا، وقَهَر كلَّ شيءٍ (¬٣) عزَّةً وحُكْمًا، فَعَنَت الوُجوهُ لجلال (¬٤) وجهه، وعجزت العقولُ عن معرفة كُنْهِه، وقامت البراهين على استحالة (¬٥) مثله وشِبْهِه. فهو الأول الذي ليس (¬٦) قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، ذو الأسماء الحسنى، والصفات العُلى، وهو مُسْتوٍ على عرشه، مُسْتولٍ على خلقه، يسمع ويرى. كلَّم موسى تكليمًا، وتجلَّى للجبل فجعله دكًّا هشيمًا، فهو الحيُّ القيوم الذي لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام.
يخفض القِسْط ويرفعه، يُرفَع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سُبُحَاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.
---------------
(¬١) "الليلة" من "ت".
(¬٢) "م": "فولا"، والتصويب من "ت".
(¬٣) "م": "وفهم كل منى"! والتصويب من "ت".
(¬٤) "لجلال" من "ت".
(¬٥) "البراهين على استحالة" خرم أكثرها في "م"، وأكملتها من "ت".
(¬٦) "الذي ليس" من "ت".

الصفحة 4