كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وهذه مهواة لا يسلم من غوائلها إلا مُرشَد موفَّق، إذ المرء بين أن يدّعي الاستبداد بالخلق (¬١)، وبين أن يُخْرِج نفسه عن كونه مطالبًا بالشرائع، وفيه إبطال دعوة المرسلين، وبين أن يثبت نفسه شريكًا لله تعالى في إيجاد الفعل الواحد، وهذه الأقسام بجملتها باطلة، ولا ينجي من هذا [البحر] (¬٢) المُلتَطِم ذِكْرُ اسمٍ مختص ولقب مجرد من غير تحصيل معنى.
وذلك أن قائلًا لو قال: العبد مُكْتَسِب، وأثر قدرته الاكتساب، والربّ تعالى مخترع خالق لما العبد مُكْتَسِب له.
قيل له: فما الكَسْب، وما معناه؟ وأديرت الأقسام المتقدمة على هذا القائل، فلا يجد عنه مهربًا" (¬٣).
ثم قال: "فنقول: قدرة العبد مخلوقة لله تعالى باتفاق القائلين بالصانع، والفعل المقدور بالقدرة الحادثة واقع بها قطعًا، ولكنه مضاف إلى الله سبحانه تقديرًا وخلقًا، فإنه وقع بفعل الله وهو القدرة، [وليست القدرة] (¬٤) فعلًا للعبد، وإنما هي صفته (¬٥)، وهي مُلْك لله وخَلْق له (¬٦)، فإذا كان مُوقِع الفعل خَلْقًا لله؛ فالواقع به مضاف خلقًا إلى الله تعالى وتقديرًا. وقد مَلَّك الله تعالى العبد اختيارًا يُصَرِّف به القدرة، فإذا أوقع بالقدرة شيئًا آل الواقع إلى
---------------
(¬١) "د": "بالحق".
(¬٢) زيادة من مصدر النقل ساقطة من الأصول.
(¬٣) "النظامية" (٤٢ - ٤٥).
(¬٤) زيادة لازمة من "النظامية" (٤٧) ساقطة من الأصول.
(¬٥) "د": "صنعته" دون إعجام، والمثبت من "ج" موافق للسياق ومصدر النقل.
(¬٦) "د": "لله".

الصفحة 404