كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فقالت القدرية: هو إحداث العبد لفعله بقدرته ومشيئته استقلالًا، وليس للربّ صُنْع فيه، ولا هو خالق فعله، ولا مكوّنه، ولا مريد له.
وقالت الجبرية: الكَسْب اقتران الفعل بالقدرة الحادثة، من غير أن يكون لها فيه أثر.
وكلا الطائفتين فرّق بين الخَلْق والكسب، ثم اختلفوا فيما وقع به الفرق.
فقال الأشعري في عامة كتبه: معنى الكَسْب: أن يكون الفعل بقدرة مُحدَثة، فمن وقع منه الفعل بقدرة قديمة فهو فاعل خالق، ومن وقع منه بقدرة مُحدَثة فهو مُكتسِب.
وقال قائلون: من يفعل بغير آلة ولا جارحة فهو خالق، ومن يحتاج في فعله إلى الآلات والجوارح فهو مُكتسِب، وهذا قول الإسكافي وطوائف من المعتزلة.

قال (¬١): "واختلفوا هل يقال: إن الإنسان فاعل على الحقيقة؟
فقالت المعتزلة كلُّها إلا الناشئ (¬٢): إن الإنسان فاعل مُحدِث ومُخْتَرِع ومنشئ على الحقيقة دون المجاز.
وقال الناشئ: الإنسان لا يفعل في الحقيقة، ولا يُحدِث في الحقيقة،
---------------
(¬١) أي الأشعري.
(¬٢) عبد الله بن محمد أبو العباس الناشئ الشاعر من كبار المعتزلة (٢٩٣ هـ)، "تاريخ الإسلام" (٦/ ٩٦٦).

الصفحة 424