كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قالوا: فنجيبك عن هذه الشبهة على الرأيين جميعًا.
أما على رأي أبي هاشم فنقول: صدور إحدى الحركتين عنه دون الأخرى لا يحتاج إلى مرجِّح، بل من شأن القادر أن يوقع الفعل من غير مرجِّح لجانب وجود على عدمه.
قالوا: ولا استبعاد في العقل في وجود مخلوق يتمكن من الفعل بدلًا عن الترك، وبالضدّ من غير مرجِّح، كما أن النائم والساهي يتحركان من غير داع وإرادة.
فإن قلتم: بل هناك داعٍ وإرادة لا يذكرها النائم والناسي؛ كان ذلك مكابرة.
قلت: وأصحاب هذا القول يقولون: إن القادر هو الذي يفعل مع جواز أن لا يفعل، وأصحاب القول الأول يقولون: بل يفعل مع وجوب أن يفعل، ومحمود الخوارزمي توسط بين المذهبين، وقال: بل يفعل مع أولوية أن يفعل، ولا ينتهي الترجيح إلى حَدّ الوجوب، فالأقوال خمسة:
أحدها: أن الفعل موقوف على الداعي، فإذا انضمت القدرة إليه وجب الفعل بمجموع الأمرين، وهذا قول جمهور العقلاء، ولم يصنع ابن الخطيب شيئًا في نسبته له إلى الفلاسفة وأبي الحسين البصري من المعتزلة (¬١).
الثاني: أن الفعل يجب بقدرة الله، وقدرة العبد، وهذا قول
---------------
(¬١) "الأربعين" (٣١٩).

الصفحة 462