كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وإن كان صفتها أمرًا عدميًا كان متعلق قدرته عدمًا لا وجودًا، وذلك ممتنع؛ إذ أثر القدرة لا يكون عدمًا صِرفًا.
وفرقة أخرى قالت: بل الفعل وصفته واقع بمحض قدرة الله وحده، ولا تأثير لقدرة العبد في هذا ولا في هذا، وهذا قول الأشعري ومن اتبعه.
وفرقة قالت: بل المؤثِّر قدرة العبد وحده دون قدرة الربّ، ثم انقسمت هذه الفرقة إلى فرقتين:
فرقة قالت: إن قدرة العبد هي المؤثِّرة مع كون الربّ تعالى قادرًا على الحركة، وقالت: إن مقدورات العباد مقدورة لله عز وجل، وهذا قول أبي الحسين البصري وأتباعه الحسينية.
وفرقة قالت: إن قدرة العبد هي المؤثرة، والله سبحانه غير قادر على مقدور العبد، وهذا قول المشايخية أتباع أبي علي وأبي هاشم.
وليس عند ابن الخطيب وجمهور المتكلمين غير هذه الأقوال التي لا تشفي عليلًا ولا تروي غليلًا، وليس عند أربابها إلا مناقضة بعضهم بعضًا (¬١).
وقد أجاب بعض أصحاب أبي الحسين عن هذا السؤال بأن قال: إنه وإن كان يقول بمقدور بين قادرَيْن، فله أن يقول في هذا المقام: إن كان الدليل الذي ذكرته دليلًا صحيحًا على استحالة اجتماعهما على فعل واحد، فإنما يدل على استحالته على فعلهما على سبيل الجمع، ولا يستحيل أن يفعلاه على سبيل البدل، كما يستحيل حصول جوهرين في مكان واحد، ولا يستحيل حصولهما فيه على البدل.
---------------
(¬١) تقدم عزو هذه الأقوال والمذاهب في (٤٦١).

الصفحة 472