كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

ولكن قوله (¬١): «هذه الإضافة تمنع إضافتها إليه سبحانه»، كلام فيه إجمال وتلبيس، فإن أردتَ بمنع الإضافة إليه منع قيامها به، ووصفه بها، وجريان أحكامها عليه، واشتقاق الأسماء منها له= فنعم، هي غير مضافة إليه بشيء من هذه الاعتبارات والوجوه.
وإن أردتَ بعدم إضافتها إليه عدم إضافتها إلى علمه بها، وقدرته عليها، ومشيئته العامة وخلقه= فهذا باطل؛ فإنها معلومة له سبحانه، مقدورة له، مخلوقة له، وإضافتها إليهم لا تمنع هذه الإضافة، كالأموال؛ فإنها مخلوقة له سبحانه وهي ملكه حقيقة وقد أضافها إليهم، فالأعمال والأموال خَلْقه ومُلْكه وهو سبحانه يضيفها إلى عبيده، وهو الذي جعلهم مالكيها وعامليها، فصحّت النسبتان، وحصول الأموال بكسبهم وإرادتهم كحصول الأعمال، وهو الذي خلق الأموال وكاسبيها، والأعمال وعامليها، فأموالهم وأعمالهم ملكه وبيده.
كما أن أسماعهم وأبصارهم وأنفسهم ملكه وبيده، فهو الذي جعلهم يسمعون ويبصرون ويعملون، فأعطاهم حاسة السمع والبصر، وقوة السمع والبصر، وفعل (¬٢) الإبصار والاستماع، وأعطاهم آلة العمل، وقوة العمل، ونفس العمل، فنسبة قوة العمل إلى اليد، والكلام إلى اللسان، كنسبة قوة السمع إلى الأذن، والبصر إلى العين، ونسبة الرؤية والاستماع اختيارًا إلى محلهما كنسبة الكلام والبطش إلى محلهما، فإن كانوا هم الذين خلقوا لأنفسهم الرؤية والسمع فهل خلقوا محلهما، وقوى المحل، والأسباب
---------------
(¬١) كذا في الأصول بهاء الغائب، والأشبه بالسياق: «قولك».
(¬٢) «د»: «وجعل».

الصفحة 4