كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
وروى عن مجاهد والضحاك: ليس من جهالته (¬١) أن لا يعلم حلالًا ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه.
وقال عكرمة: الدنيا كلها جهالة (¬٢).
ومما يبين ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨]، وكل من خشيه فأطاعه بفعل أوامره وترك مناهيه فهو عالم، كما قال تعالى: {(٨) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩].
وقال رجل للشعبي: أيها العالم، فقال: «لسنا بعلماء، إنما العالم من يخشى الله» (¬٣).
وقال ابن مسعود: «كفى بخشية الله علمًا، وبالاغترار بالله جهلًا» (¬٤).
وقوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} يقتضي الحصر من الطرفين: أي لا يخشاه إلا العلماء، ولا يكون عالمًا إلا مَن (¬٥) يخشاه، فلا يخشاه إلا عالم، وما من عالم إلا وهو يخشاه، فإذا انتفى العلم انتفت الخشية، وإذا انتفت الخشية دلت على انتفاء العلم.
---------------
(¬١) «د» «م»: «جهالة»، والمثبت من «ج» موافق لما في مصدر القول.
(¬٢) انظر: «تفسير ابن أبي حاتم» (٣/ ٨٩٧ - ٨٩٨) (٤/ ١٣٠١)، «جامع البيان» (٦/ ٥٠٧ - ٥١٠).
(¬٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٦٨١٨)، والدارمي (٢٦٤).
(¬٤) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٤٦)، وابن أبي شيبة (٣٥٦٧٤).
(¬٥) «من» من «ج».