كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)

منهج المؤلف في الكتاب
ثمة معالم رئيسة تشترك فيها سائر مصنفات ابن قيم الجوزية رحمه الله، وسمات متشابهة تنتظمها في عقد تأليفي واحد، لا تكاد تخطئها عين المطالع، وهذا الكتاب له منها نصيب وافر، يتجلّى في عامة أبوابه وطريقة سياقه، بناء ومحتوًى وأسلوبًا في العرض والصياغة، سنشير إلى بعضها في عجالة.
فمن تلك السمات التكوينية: تقسيمه الكتاب إلى أبواب، لكل باب مقصد مستقل وعنوان يضم مسائل من جنس واحد في عموم مباحثه، وربما دعته الحاجة إلى إبراز بعض المباحث داخل الباب بكلمة "فصل"، إما لأهمية المبحث، أو طوله، أو انفصاله عما قبله من حيث الفكرة، وليس هذا التقسيم بمطّرد.
وغالبًا ما يسوق الأجوبة على الشبهات والاعتراضات على هيئة أوجه متسلسلة الأرقام.
ومن أظهر سمات المصنف: انطلاقه في تقرير المسائل ومواطن الاستدلال من نصوص القرآن والسنة الصحيحة، فلا يكاد يخلو مبحث إلا وفيه احتجاج بآية أو حديث، وكثيرًا ما يحشد الآيات المتماثلة في موضع واحد، ويتتبع ألفاظ الرواية حرفًا حرفًا، وقد يسوق الطرق ويرفع الأسانيد، مع الكلام عليها؛ إذ شَرَط على نفسه أن لا يستدل إلا بما ثبت.
ويتصل بالأمر حرصه على تعضيد نصوص الوحيين بفهم السلف الصالح عليهم رحمة الله لهذه النصوص، وتعد كتبه مظنة لأقوال الصحابة في المسائل التي بسط القولَ في بحثها.

الصفحة 20