كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)

ومن سمات منهجه في هذا الكتاب ونظائره: استناده في حكاية أقوال الفرق وأرباب الطوائف على أصولهم المعتمدة مباشرة، قطعًا لدعوى التحريف والتصرّف في نصوص المخالفين، وكذلك الشأن في الإفادة من كتب الكلام دون واسطة في مواضع الحجاج واللجاج، وسيأتي تفصيل بعضه عند الحديث عن موارد الكتاب.
ومما يحسن ذكره هنا مقدرة المؤلف على توظيف الخلاف داخل المذهب الواحد، وإظهار اضطراب أصحابه، وعجز أتباعه؛ ليبين عواره وانحرافه، ويضرب حُجَجَهم بحُجَجِهم، ويبطل كلام المتكلمين بكلام المتكلمين.
ومن تلك المعالم البارزة: مراعاته لجنس الدليل في مقام الاحتجاج، ففي تأصيل القواعد يصدر عن الوحيين، وفي مواطن الجدال يقارع الحجة العقلية بمثلها، ويدفع الشبهة اللفظية بالمأثور من كلام الفصحاء وقريض الشعراء، وهكذا دواليك.
أما الإفادة من كتب شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية والاقتباس منها والاتّكاء عليها في المهمات والمعضلات العلمية فكثير، كما هو معهود عنه في سائر كتبه.
وربما استعان المؤلف في تقرير بعض المباحث والغوص في أعماقها والكشف عن مكنوناتها بأسلوب المناظرة، وهي طريق سلكها المصنف في بعض كتبه، فمنه ما في "أعلام الموقعين" (٣/ ٤٧٠) حيث عقد مجلس مناظرة بين مقلِّد وصاحبِ حُجة، وفي "روضة المحبين" (١٦٧) أفرد بابًا في مناظرة بين القلب والعين ولوم كل منهما صاحبه والحكم بينهما، أما في

الصفحة 21