كتاب شمائل الحبيب المصطفى
إِلَيْهَا. وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ: مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟ قُلْنَا: نَحْنُ، قَالَ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
٤٥٨ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى (¬١) مِنَ العَطَشِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبُ مِنَ العَطَشِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهَ لَهُ فَغُفِرَ لَهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي هَذهِ البَهَائِمِ لَأَجْرًا! فَقَالَ: فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ (¬٢) أَجْرٌ». أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
٤٥٩ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: «أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا أَبَدًا، وَكَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ (¬٣) أَوْ حَائِشُ (¬٤) نَخْلٍ. قَالَ: فَدَخَلَ يَوْمًا حَائِطًا (¬٥) مِنْ حِيطَانِ الأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ قَدْ أَتَاهُ فَجَرْجَرَ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَمَسَحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
---------------
(¬١) الثَّرى: التراب.
(¬٢) كَبِدٍ رَطْبَةٍ: كناية عن الحياة، أي في الإحسان إلى كلِّ حَيٍّ سواءٌ أكان إنسانًا أم حيوانًا أجرٌ.
(¬٣) الهَدَفُ: حَيْدٌ مرتفعٌ من الرَّملِ.
(¬٤) والحائِشُ: جماعة النخل.
(¬٥) الحائطُ: بُسْتَانُ النَّخْلِ إذا كَانَ عليهِ جِدَارٌ.
الصفحة 186