كتاب شرح المكودي على الألفية في علمي الصرف والنحو

ذلك نبه بقوله: (وقد من ما شئت فى انفصال) فإذا تقدم غير الأخص وجب انفصال الثانى وإذا تقدم الأخص جاز اتصال الثانى وانفصاله وقد اجتمع الأمران فى قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم» فانفصال الضمير فى قوله ملككم إياهم جائز لتقدم الأخص وهو ضمير المخاطب على غير الأخص وهو ضمير الغائب وانفصال الضمير فى ملكهم إياكم واجب لتقدم غير الأخص، ثم قال:
وفى اتّحاد الرّتبة الزم فصلا … وقد يبيح الغيب فيه وصلا
يعنى أن الضميرين إذا اتحدا فى الرتبة كأن يكونا لمتكلم أو لمخاطب أو لغائب لزم انفصال الثانى نحو ظننتنى إياى وحسبتك إياك والدرهم إن جاء زيد فأعطه إياه وقوله وقد يبيح الغيب فيه وصلا يعنى أن الضميرين إذا اتحدا فى الغيبة قد يتصل الثانى منهما لكن بشرط أن يختلفا اختلافا ما كأن يكون أحدهما مفردا والآخر مثنى أو مجموعا أو يكون مذكرا والآخر مؤنثا كقوله:
- لوجهك فى الإحسان بسط وبهجة … أنا لهماه قفو أكرم والد (¬7)
وظاهر كلام الناظم عدم اشتراط الاختلاف واعتذر عنه ولده فى شرحه بأن قوله وصلا بلفظ التنكير على معنى نوع من الوصل تعريض بأنه لا يستباح الاتصال مع الاتحاد فى الغيبة مطلقا بل بقيد وهو الاختلاف فى اللفظ وفيه بعد وهذا يقتضى أن البيت الواقع بعد هذا البيت فى بعض النسخ وهو مع اختلاف ما غير ثابت فى الألفية وهو من أبيات الكافية، ثم قال:
وقبل يا النّفس مع الفعل التزم … نون وقاية وليسى قد نظم
وليتنى فشا وليتى ندرا … ومع لعلّ اعكس وكن مخيّرا
فى الباقيات واضطرارا خفّفا … منّى وعنّى بعض من قد سلفا
وفى لدنّى لدنى قلّ وفى … قدنى وقطنى الحذف أيضا قد يفى
قد تقدم أن من جملة الضمائر ياء المتكلم وهى تتصل بالاسم والفعل والحرف فإذا اتصلت بالفعل لزم أن يفصل بينها وبينه بنون تسمى نون الوقاية لأنها تقى الفعل من الكسر الذى لا
¬__________
(¬7) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 105، وتخليص الشواهد ص 97، وتذكرة النحاة ص 50، والدرر 1/ 203، وشرح الأشمونى 1/ 54، وشرح التصريح 1/ 109، والمقاصد النحوية 1/ 342، وهمع الهوامع 1/ 63.
والشاهد فيه قوله: «أنا لهماه» وكان القياس أن يقال: «أنا لهما إياه» بالانفصال، فجاء متصلا، وذلك لأن الضميرين اتحدا رتبة.

الصفحة 25