كتاب شرح المكودي على الألفية في علمي الصرف والنحو

يعنى أنك إذا قلت أسار ذان فالأول الذى هو أسار مبتدأ والثانى الذى هو ذان فاعل أغنى عن الخبر فأسار اسم فاعل من سرى وذان تثنية ذا وإنما لم يحتج هذا النوع من المبتدأ إلى الخبر لأنه بمنزلة الفعل فاكتفى بمرفوعه وقوله
وقس أى قس على المثالين وهما زيد عاذر وأسار ذان وقس أيضا على الثانى فى كونه بعد استفهام وقوله: وكاستفهام النفى يعنى أن النفى مثل الاستفهام فى وقوع الوصف المذكور بعده فمثال وقوعه بعد الاستفهام قول الشاعر:
- أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا … إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا (¬23)
ومثاله بعد النفى قوله:
- خليلىّ ما واف بعهدى أنتما … إذا لم تكونا لى على من أقاطع (¬24)
وقوله وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد، يعنى أن هذا الوصف المذكور قد يأتى غير معتمد على استفهام ولا نفى وفهم من قوله وقد يجوز قلة ذلك، ومنه قوله:
- خبير بنو لهب فلا تك ملغيا … مقالة لهبىّ إذا الطير مرّت (¬25)
ففائز أولو الرشد فى المثال مثل خبير بنو لهب فى البيت وقوله والثانى مبتدأ وذا الوصف خبر إلخ، يعنى أن الوصف المذكور إذا كان مطابقا لمرفوعه فى غير الإفراد وهو التثنية والجمع جعل الثانى وهو الذى كان مرفوعا بالوصف مبتدأ وجعل الوصف خبرا مقدما وذلك نحو أقائمان الزيدان وأقائمون الزيدون؟ فالزيدان مبتدأ وخبره قائمان ولا يجوز أن يكون
¬__________
(¬23) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 190، وتخليص الشواهد ص 181، وجواهر الأدب ص 295، وشرح الأشمونى 1/ 89، وشرح التصريح 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص 233، وشرح قطر الندى ص 122، والمقاصد النحوية 1/ 512.
والشاهد فيه قوله: «أقاطن قوم سلمى» حيث أتى الوصف وهو «قاطن»، معتمدا على الاستفهام، وهو الهمزة، وبذلك اكتفى بالفاعل الذى هو قوله «قوم سلمى» عن خبر المبتدأ.
(¬24) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 189، وتخليص الشواهد ص 181، والدرر 2/ 5، وشرح الأشمونى 1/ 89، وشرح التصريح 1/ 157، وشرح شذور الذهب ص 232، وشرح شواهد المغنى 2/ 898، وشرح قطر الندى ص 121، ومغنى اللبيب 2/ 556، والمقاصد النحوية 1/ 516، وهمع الهوامع 1/ 94.
والشاهد فيه قوله: «ما واف أنتما» حيث جاء الوصف مبتدأ وهو «واف» معتمدا على نفى، وهو «ما» فاستغنى بالفاعل عن الخبر وهو أنتما.
(¬25) البيت من الطويل، وهو لرجل من الطائيين فى تخليص الشواهد ص 182، وشرح التصريح 1/ 157، والمقاصد النحوية 1/ 518، وبلا نسبة فى أوضح المسالك 1/ 191، والدرر 2/ 7، وشرح الأشمونى 1/ 90، وشرح ابن عقيل ص 103، وشرح عمدة الحافظ ص 157، وشرح قطر
الندى ص 272، وهمع الهوامع 1/ 94.
والشاهد فيه قوله: (خبير بنو لهب) حيث سدّ الفاعل، وهو قوله: «بنو لهب» مسدّ الخبر من غير اعتماده على استفهام أو نفى وهذا قبيح عند سيبويه وسائغ عند الكوفيين والأخفش.

الصفحة 46