كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 1)
/ لم يختلفوا في كسرة النون من قوله تعالى (أن امشوا واصبروا) , كما [30] اختلفوا في قوله: (أن اقتلوا أنفسكم) بكسر النون وضمها, لكونها عارضة في «امشوا» وغير عارضة في «اقتلوا».
ومعنى قولنا: «في الغالب» احترازًا من ثلاثة أفعال, وهي: يأخذ ويأكل ويأمر, إذا أمرت منها. فإن هذه كان قياسها أن يؤتى بألف الوصل فيها كما أتى بها في غيرها, وأن يقال: «أؤكل» , «أؤخذ» , «أؤمر». ولكن ترك ذلك لاجتماع همزتين في الأصل, فحذفت الهمزة التي كانت فاء ساكنة. ولما حذفت لم يحتج إلى ألف الوصل, لأن الذي بعد الهمزة المحذوفة متحرك فأتي به من غير همزة وصل معه, فقيل: «خذ» , «كل» , «مر». قال تعالى: (خذوا ما آتيناكم بقوة) , وقال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة) , وقال [تعالى] (كلوا مما في الأرض حلالًا طيبًا). فأما «مر» فإن الذي جاء في التنزيل: (وأمر أهلك بالصلاة) , فإن واو العطف أغنت عن همزة الوصل فلم تحذف الفاء, ولو جاء على حد «خذ» و «كل» لجاز. فإن قيل: فأين تسقط همزة الوصل أبدًا ولا يكون لها حكم في الثبات؟ . قيل: تسقط أبدًا في الوصل لأن الوصل يغني عنها ويوصل إلى الساكن
الصفحة 207
520