كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 1)

وأما قولنا: «ومنها [ما وهي] حرف يرفع الاسم وينصب الخبر في النفي عند أهل الحجاز, ما دام خبرها متأخرًا بعد اسمها, لم يتقدم هو ولا معموله, ولم تدخل «إلا» ولا «إن» المخففة. وذلك قولك: ما زيد قائمًا, و «ما هذا بشرًا). وترفع في لغة تميم على كل حال».
فإن الحجة لبني تميم في رفع جميع هذه المسائل وشبهها أن «ما» حرف نفي يدخل على الجملة من المبتدأ والخبر, والجملة من الفعل والفاعل. وهي كحروف الاستفهام الداخلة على الجملتين. فكما أن حروف الاستفهام لا تعمل شيئًا فكذلك «ما» عند بني تميم.
والحجة لأهل الحجاز في إعمالها أنها عندهم مشبهة بـ «ليس» التي ترفع الاسم وتنصب الخبر. والشبه الذي بينهما من وجوه, أنهما جميعًا للنفي. وأنهما جميعًا داخلان على مبتدأ وخبر. وأنهما لنفي الحال. فلذلك نصب خبر «ما» بما كما نصب خبر «ليس» بليس. ولما كانت «ليس» فعلًا عملت على كل الوجوه بقوة الفعلية. ولما كانت «ما» حرفًا ضعفت عن العمل على كل حال, فبطل عملها إذا تقدم الخبر, مثل: «ما قائم زيد». وبطل إذا تقدم معمول الخبر مثل: «ما طعامك زيد آكل». «طعامك» مفعول «آكل» لما تقدم بطل نصب «آكل» وبطل عملها. وكلك إذا دخلت «إلا» , مثل:

الصفحة 276