كتاب شرح المقدمة المحسبة (اسم الجزء: 2)

فصار الوجه الضعيف قويًا لا يجوز غيره. وكذلك مسألتنا في الاستثناء. ومثال الاستثناء المنقطع: ما بالدار أحد إلا حمارًا. وفرقوا بين الاستثناء من الجنس وبين الاستثناء من غير الجنس. فما كان جنسًا جاز فيه البدل مثل: ما في الدار أحد إلا زيد. وما كان غير جنس كالحمار وشبهه لم يجز البدل. وإذا لم يجز البدل نصبت واعتقدت أن إلا بمعنى «لكن» فقلت: ما بالدار أحد إلا حمارًا. هذا مذهب الحجازيين. ومذهب بني تميم في هذا الذي ليس من الجنس أنه على قسمين, ما كان منقطعًا بالكلية ليس من الأحدين ولا ما يصحب الأحدين فلا يجوز إلا النصب, مثل ما بالدار أحد إلا حوضًا, وإلا ثوبًا, فالنصب لا غير. وما كان مما يتبع الأحدين مثل الدواب والآلات جاز عند بني تميم الرفع على البدل, فيقولون: ما بالدار أحد إلا حمار, أبدلوا الحمار من الأحدين المقدرين لما كان يتبعهم, كأنه قال: ما بالدار أحد ولا ما يتبع الأحدين إلا حمار.
ومثال ما يأتي بعد تمام الكلام: ما قام أحد إلا زيدًا, فالكلام قد تم بقولك «ما قام أحد» فجاز نصب زيد, والأجود رفعه, ومثاله قراءة الأكثر (ما فعلوه إلا قليل منهم) , بالرفع على البدل من الواو. وابن عامر رحمه الله نصب لأن الكلام قد تم بالفعل والفاعل قبل الاستثناء فجرى مجرى قولك: «ما قام أحد إلا زيدًا» في الجواز. ولو سقط «أحد» والضمير من «فعلوه» لم يجز إلا الرفع إجماعًا, مثل: ما قام إلا زيد, وما فعله إلا قليل, لأن النصب هنا يخلي

الصفحة 324